للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إلَّا إذا جاوزَ الخارجُ المعتادَ، فيجبُ الماءُ.

(إلَّا إذا جاوزَ) أي: تعدى (الخارجُ) بالرَّفع، الموضعَ (المعتادَ) بالنصب، كأنْ ينتشرَ الخارجُ على شيء مِن الصفحة، أو يمتد إلى الحشفةِ امتدادًا غيرَ معتادِ، (فيجب الماء) للمتعدي فقط؛ لأنَّ الاستجمارَ في المعتادِ رخصة؛ لمشقَّة غسلِه، لتكرر نجاستِه، فما لا يتكرر، لا يُجزِئ فيه إلَّا الماءُ، ويُجزِئ استجمارٌ في محل العادةِ، كما لو لم يكن غيره.

(إلَّا إذا جاوزَ الخارجُ المعتادَ … إلخ) مستثنى من قوله: "ويجزئُ أحدُهما" أي: ولا يجزئُ في خارجِ من سبيل تعدى يقينًا موضع العادة كأن ينتشرَ الخارجُ إلى الصفحتين، (أو يمتد إلى الحشفة … إلخ) وفي "شرح العمدة": إلى النصف من الألية والحشفة فأكثر، فإن كان أقل من ذلك، عُفي عنه وأجزأ الحَجَر. وظاهر "المحرر" (١) أنَّه إذا تعدى الخارجُ عن مخرجه مطلقًا، فلا يجزئه إلَّا الماءُ الطهور للمتعدَّي فقط؛ لأن الأصلَ وجوبُ إزالة النجاسةِ بالماء الطهور، وإنَّما رُخص في الاستجمار؛ لتكرار النجاسة على المحل المعتاد، فإذا جاوزته، خرجت عن حدّ الرخصة، فوجب غسلها كسائر البدن، في الغسل للمتعدى. نصٌّ عليه. وبه قطع ابنُ تميم (٢)، ويجزئ الاستجمار في نفس المخرج، [وقيل:] (٣) فله الاستجمار في الصفحتَين والحَشَفة، وبه قطع الشيرازيُّ (٤). وإذا استعملَ المستنجي الماءَ في المخرج أو في غيرِه، اشتُرط له العددُ المعتبرُ في إزالة النجاسة، مع خشونةِ المحل كما كان، ونصُّ الإمامِ أنَّه لا يستجمر في غيرِ المخرجِ المعتادِ، ولا يُجزئ فيه إلَّا الماءُ. دنوشري مع زيادة.

(الموضع) يشيرُ بهذا إلى أن قولَه: (المعتاد) صفة لموصوف محذوف.


(١) ١/ ١٠.
(٢) هو أبو عبد الله، محمَّد بن تميم الحراني الفقيه، صاحب "المختصر" في الفقه، وصل فيه إلى أثناء الزكاة. توفي قريبًا من سنة خمس وسبعين وست مئة. "ذيل طبقات الحنابلة" ٢/ ٢٩٠.
(٣) ما بين حاصرتين زيادة يقتضيها السياق. وينظر "الفروع" ١/ ١٣٧، و "المبدع" ١/ ٩٠.
(٤) هو أبو الفرج، عبد الواحد بن محمَّد الشيرازي، المعروف بالمقدسي، له تصنيف في الفقه والوعظ والأصول. (ت ٤٨٦ هـ). "طبقات الحنابلة" ٢/ ٢٤٨ - ٢٤٩، و "سير أعلام النبلاء" ١٩/ ٥١ - ٥٣.