للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ومسح الرَّأسِ كلِّه،

(و) ثالثها: (مَسْحُ الرأسِ كلِّه،

الدارقطنيُّ (١)، ولأنَّه من بابِ ما لا يتمُّ الواجبُ إلَّا بهِ، فهو واجب.

والمِرْفَق: مُلْتقَى عَظْمِ العَضُدِ والذراع.

(وثالثها: مسحُ الرَّأس كلِّه) أي: الثالثُ من فروضِ الوضوءِ مسحُ الرأسِ كلِّه، من بشرةٍ، أو شعرٍ، حيثُ كان قصيرًا، غيرَ خارجٍ عن حدِّ الرأسِ بالامتداد والنزول، فلا يجبُ مسحُ ما نزلَ عن الرأسِ من الشعرِ، ولا يجزئُ مسحُ ما نَزَل عن محلِّ الفرضِ، سواءٌ ردَّهُ فعقد فوقَ رأسِه، أمْ لا. ثُمّ إن المسحَ فرضٌ، كما هو المذهب بلا ريب. وعليه جماهيرُ الأصحابِ متقدِّمِهم ومتأخِّرهم. فلا يُعفَى عن تَرْكِ شيءٍ بلا مسحٍ من الرأسِ، ولو للمشقَّةِ، وعنه (٢): يجزئُ مسحُ أكثره، والأوَّلُ المذهب.

ووجهُه أنَّ الباءَ للإلصاقِ فيكونُ المعنى: وألصِقوا برؤوسِكم، ولأنَّ اسم الرأسِ يُطلَق على كلِّه حقيقةً، فاقتضَى استيعابَه بالمسحِ، كما يجبُ استيعابُ الوجهِ بالمسحِ في التيمُّمِ في قوله تعالى: ﴿فَامْسَحُوا بِوجُوهِكُمْ﴾ [المائدة: ٦].

قال ابنُ بَرْهان الدين (٣): من زَعَمَ أنَّ الباءَ للتبعيض فقد جاء لأهلِ اللغةِ بما لا يعرفرنَه.


(١) في "سننه" (٢٧٢)، وأخرجه أيضًا البيهقي في "السنن الكبرى" ١/ ٥٦.
قال الحافظ ابن حجر في "التلخيص الحبير" بعد أن بيَّن علَّته: وقد صرَّح بضعف هذا الحديث ابن الجوزي والمنذري وابن الصلاح والنووي وغيرهم، ويغني عنه ما رواه مسلم [(٢٤٦)] من حديث أبي هريرة أنَّه توضَّأ حتى أشرع في العضد، ثم قال: هكذا رأيت رسول الله توضأ. اهـ.
(٢) في الأصل: "عليه". وهو خطأ.
(٣) هو أبو القاسم، عبد الواحد بن علي بن بَرْهان العكبري، كان مضطلعًا بعلوم كثيرة منها: النحو، والأنساب، واللغة، وأيام العرب والمتقدمين، وله أُنسٌ شديدٌ بعلم الحديث. (ت: ٤٥٦ هـ). "سير أعلام النبلاء" ١٨/ ١٢٤ - ١٢٧، و"إنباه الرواة" ٢/ ٢١٣ - ٢١٥.