للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وترتيبٌ،

مِنْ أن أمسحَ القدمين (١). وهذا في حقِّ غيرِ لابسِ الخُفِّ، وأمَّا لابسُه فغَسْلُهما في حَقِّه (٢) غيرُ متعيَّن.

(و) خامُسها: (ترتيب) بين الأعضاءِ المذكورةِ كما ذَكَر الله تعالى؛ لأنَّه أدخلَ ممسوحًا بين مغسولين، ولا يُعلم له فائدةٌ غير الترتيب. والآيةُ سِيْقَتْ لبيان الواجب،

(خامسها: ترتيبٌ) أي: خامسُ فروضِ الوضوءِ ترتيبٌ بينَ أعضاءِ الوضوءِ على ما ذَكَر الله تعالى في الآيةِ الكريمةِ، فَيُقَدِّمُ الوجهَ؛ لشرفه، ثمَّ اليدين، ثمَّ الرأسَ، ثمَّ الرجلين. فلو تَركَه ولو سهوًا، لم يصحَّ.

والترتيبُ لُغَةً: جَعْلُ كلِّ شيءٍ في مرتبته.

واصطلاحًا: جَعْلُ الأشياءِ المترتِّبة بحيثُ يُطلَقُ عليها اسمُ الراحد، ويكون لبعضِها نسبةٌ إلى بعضٍ بالتقديمِ والتأخير، في الرُّتبةِ العقليَّةِ، فإنْ غُسِّلَ أعضاؤُه دفعةً واحدةً بإذنه، لم يصحَّ إلَّا عن الوجه؛ لانتفاءِ الترتيب المشروطِ في الوضوء.

وحكى أبو الخطاب عن الإمام أحمد روايةً بعدمِ وجوبه، وهو مذهبُ مالكٍ، والثوريِّ، وأصحاب الرأي، واختارَه ابنُ المنذر. وحجَّتُهم في ذلك أنَّ اللهَ تعالى أمرَ بغسلِ الأعضاءِ وعَطَف بعضَها على بعضِ بالواو، وهي للجمع المُطْلَق من غير ترتيب، لا بقبليَّةٍ ولا بعديَّةٍ، ولا تقتضي ترتيبًا ولا تعقيبًا، فكيفما غَسَلَ، كان ممتثلًا، وروي عن عليٍّ أنَّه قال: ما أُبالي إذا تمَّمْتُ وضوئي، بأيِّ أعضائي بدأتُ.

والمذهبُ الأوَّل؛ لأنَّ في الآية قرينةً تدلُّ على الترتيب، فإنَّه أدخلَ ممسوحًا بين


(١) أخرجه ابن أبي شيبة ١/ ١٨٥ بلفظ: لأن أخرجهما بالسكاكين أحبُّ إليَّ من أن أمسحَ عليهما. وأورده أبو عبيد في "الطهور" ص ٣٩١ بلفظ: لأن أحزهما … الخبر.
(٢) فى (م): "خفه".