للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

الإخلاص الذي هو النيَّة مأمورٌ به، ولحديث: "إنَّما الأعمالُ بالنِّيَّات" (١) أي: لا عملَ جائزٌ إلا بالنِّية، ولأنَّ النصَّ دلَّ على الثَّواب في كلِّ وضوءٍ، ولا ثوابَ في غير

ويسنُّ نطقٌ بها سرًّا، وإنَّما كانتِ النيَّةُ شرطًا في الطهارتين الواجبتين والمستحبتين؛ لخبرِ "الصحيحين": ("إنَّما الأعمالُ بالنيَّات"). وأكَّدهُ بقوله: "وإنَّما لكلِّ امرئٍ ما نوى" إلى آخره، رواه مسلم، وقوله : "لا عملَ إلا بنيَّةٍ" (٢)، ولأنَّ الطهورَ عملٌ وعبادةٌ، فأشبهَ سائرَ العباداتِ، ومن شرطِها النيَّةُ.

وأمَّا إزالةُ النجاسةِ فلا يُشتَرطُ لها نيَّةٌ؛ لأنَّها من قَبيلِ التُرُوكِ، وهي لا يُشتَرطُ لها نيَّةٌ، فالنيَّةُ شرطٌ في كُلِّ غُسْلٍ، إلَّا غُسْل كتابيَّةٍ، ومسلمةٍ ممتنعَةٍ عن الاغتسال من الحيض لوطءِ حليلِها المسلم، فَتُغَسَّلُ قهرًا عليها، لحقِّ الزوجِ في الوطءِ؛ لأنَّه لا يباحُ له وطؤها إلَّا بعدَ غُسْلِها.

ولا يُشتَرطُ نيَّةٌ في غُسْلِ الكتابيَّةِ والمسلمة الممتنعةِ للعذر؛ لأنَّ الكتابيَّةَ ليست من أهل النيَّة؛ لكونها كافرة، والمسلمة لم تقصِد الغُسلَ بالكليَّةِ، وإنَّما غُسِّلَتْ قهرًا عليها؛ لحقِّ الزوجِ، وهو الوطءُ، كما إذا امتنعَ المسلمُ من أداءِ الزكاةِ، فإنَّها تُؤخَذُ منه قهرًا، ولو بلا نيَّةٍ، فلا يُباح له وطؤها إلَّا بعدَ غُسْلِها، ولو بلا نيَّةٍ.

والصحيحُ أنَّها لا تصلِّي بهذا الغُسْل؛ لتجرُّدِه عن النيَّةِ المشروطَةِ شرعًا، ويقاسُ على ذلك منعُها من الطوافِ، ومسِّ المصحفِ؛ لعدمِ وجودِ الطهارةِ الشرعيَّةِ. وإنما أُبيحَ وطؤُها


(١) أخرجه البخاري (١٥٥٨)، ومسلم (١٩٠٧)، وهو في "مسند أحمد" (١٦٨) من حديث عمر .
(٢) جزء من حديث أخرجه البيهقي ١/ ٤١، والبغدادي في "الجامع لأخلاق الراوي" (٦٩٣) عن أنس بن مالك . قال ابن حجر في "التلخيص الحبير" ١/ ١٥٠: في سنده جهالة. اهـ.
وأخرجه أيضًا البغدادي في "الجامع لأخلاق الراوي" (٦٩٢) من طريق أخرى، عن أنس ، وفي إسناده متروكون.
وأخرجه أيضًا الديلمي في "مسند الفردوس" (٧٨٩٤) عن أبي ذرٍّ الغفاري . وينظر "التلخيص الحبير" ١/ ١٥٠.