للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ومبالغةٌ فيهما لغيرِ صائمٍ،

ومبالغةٌ فيهما) أي: في المضمضةِ والاستِنْشَاقِ (لغيرِ صائمٍ) فتكرَه له كما تقدِّم.

اليسرى، ففعلَ هذا ثلاثًا، ونثرَ بيدِه اليسرى ثلاثًا، ثمَّ قال: هذا طُهور نبيّ الله . رواه الإمامُ أحمد والنسائيُّ (١).

(ومبالغةٌ فيهما لغيرِ صائمٍ) والرابعُ من سُنَنِ الوضوء: مبالغةٌ فيهما، أي: في المَضْمَضةِ والاستنشاقِ لغير صائم. أمَّا المبالغةُ فيهما لصائمٍ، فمكروهةٌ على الصحيح من المذهب؛ لحديثِ لقيطِ بنِ صَبِرَة أَنه قال: قلت: يا رسولَ الله، أخبرني عن الوضوء؟ فقال : "أسبغ الوضوءَ وخلِّل بينَ الأصابعِ، وبالغ في الاستنشاقِ إلَّا أنْ تكونَ صائمًا". رواه الخمسة، وصحَّحَه الترمذيُّ وغيره (٢).

ولاحتمالِ وصولِ الماء إلى الجوف بالمبالغة المنهيِّ عنها في حقِّه، فيفطرُ بذلك.

أمَّا لو سَبَقَ ماءُ المَضْمَضَة والاستِنْشاقِ إلى جوفِ الصائم من غيرِ مبالغَةٍ ولا قَصدٍ، فإنه لا يُفطِر بذلك.

وإنَّما لم تجب المبالغةُ في الاستنشاقِ كما هو مُقْتَضى الأمرِ في الحديث؛ لسقوطِهما بصومِ النفل، والواجبُ لا يَسقطُ بالنَّفْلِ. وعن الإمام أحمد: وجوبُ المبالغةٍ فيهما على المفطر، وأمًا المبالغةُ في بقيَّةِ الأعضاءِ فهي مسنونَةٌ مُطلقًا للصائم وغيره، وفي الوضوءِ والغُسْلِ؛ لأنَّ وصولَ الماءِ منها إلى الجوفِ مؤتمنٌ، فكانت مسنونَة مطلقًا للصائم وغيره.

وقد عرَّف صاحبُ "المنتهى" (٣) -كالشارح (٤)؛ لزيادة الإيضاح- المبالغةَ في أعضاء الوضوء بقوله: ففي مضمضةٍ إدارةُ الماءِ بجميع الفم، بحيثُ يبلغُ الماءُ أقصى الحَنَك، ويصلُ إلى الحلق، ووجهي الأسنانِ، واللسانِ، واللِّثَاتِ مع إمرارِ إصبعه.


(١) "مسند" أحمد (١١٣٣)، و"المجتبى" للنسائي ١/ ٦٧، وأخرجه أيضًا أبو داود (١١٢).
(٢) أحمد (١٧٨٤٦)، وأبو داود (١٤٢)، والترمذي (٧٨٨)، والنساني ١/ ٦٦، ١١٤، وابن ماجه (٤٠٧). وصححه النووي في "المجموع" ١/ ٤٠١.
(٣) ١/ ١٣.
(٤) "الشرح الكبير" ١/ ٢٨١.