للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

والبِداءةُ قبلَ غَسْلِ وجهٍ بمضمضةٍ، فاستنشاقٍ،

(والبِداءةُ) بكسرِ الباء والمدِّ، والضُّم لغةٌ، بمعنى الابتداء (قبلَ غَسْلِ وجهٍ بمضمضةٍ، فاستنشاقٍ،

ويكونُ الغَسْلُ بنيَّة شُرِطَت لصحَّة غَسلِهما، وبتسميَة واجبة لغسلِهما على الصحيح من المذهب؛ لأنها طهارةٌ مستقِلَّة، فشُرِطَ ووَجَبَ لها ما ذُكِر.

ويَسقطُ وجوبُ غَسْلِهما إذا تركَه سهوًا، وتسقط التسميَةُ أيضًا سهوًا؛ لأنَّ ذلكَ أمرٌ تعبديُّ، فيسقط بالنسيانِ، كبعضِ الواجبات، وهو التسميَةُ، فلو توضَّأ ولم يغسلهُما ذاكرٌ لذلك، لم يصحَّ وضوءُه، وفسدَ الماءُ الذي غمسَ فيه كلَّ يدِه، حيثُ كانَ قليلًا، والظاهرُ أنَّ السقوطَ سهوًا، إذا لم يتذكر إلا بعد فراغِ الطهارةِ فلو تذكَّر في الأثناءِ، ابتدأَ، قياسًا على نسيانِ التسميَةِ في الوضوء (١). وقيلَ: غسلُهما معلَّلٌ بوهمِ تضمُّخ يديه بالنجاسة، فعلى هذا يكون غَسْلُهما لمعنى حصلَ فيهما. وهذه المسألةُ من مفردات مذهبنا.

وقد قيل: إن بعضَهم استغربَ هذا الحديثَ، واستبعدَه، فانْتَبَه من نومِه، فوجَدَ يدَه في دُبُرِه.

وإذا استيقظَ محبوسٌ، أو أعمى ونحوه من نومٍ لا يدري نوم ليلٍ أم نوم نهارٍ، لم يجب غسلُهما. دنوشري مع زيادة.

(والبِداءةُ قبل غَسْلِ وجهٍ إلخ) والثالث من سنن الوضوء: بِداءةُ المتوضِّئِ قبلَ غسل وجهِه بمَضْمَضَة بيمينه، فاستنشاقٍ بيمينِه، واستنثارٍ من أنفهِ بيسارِه، فالبِداءةُ بهما قبلَ غسلِ الوجهِ مسنُونة. وهما فرضان، قال في "الإنصاف": يستحب تقديم المَضمَضَةِ على الاستِنشاق (٢)؛ لما رُويَ عن عليٍّ أنه دَعا بوضوءٍ، فتمضْمَضَ، واستنشَقَ، ونَثَر بيدِه


(١) ما ذكره صاحب الحاشية هنا مخالف لما مرَّ أعلاه في "هداية الراغب" حيث قال النجدي: "لو تذكر غسْلَهما في الأثناء، لم يستأنفْ، بل ولا يغسلهما، بخلاف تسمية في وضوءٍ؛ لأنها منه … "
(٢) "الإنصاف" ١/ ٢٨٢.