للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وغَسْلُ كفَّيْه إنْ لم يكنْ قائمًا من نومِ ليلٍ ناقضٍ لوضوءٍ، فيجبُ.

(وغسلُ كفَّيه) ثلاثًا (إن لم يكن قائمًا من نومِ ليلٍ ناقضٍ لوضوءٍ) فإن كان قائمًا منه (فيجبُ) غسلُهما ثلاثًا؛ تعبُّدًا، بنيَّةٍ شُرِطَتْ، وتسميةٍ وَجَبتْ، ويسقطُ غسلُهما والتسميةُ سهوًا. ومقتضى كلامِ "المبْدِع": أنَّه لو تذكَر غَسلَهما في الأثناء، لم يستأنف، بلْ ولا يغسلهما، بخلافِ تسميةٍ في وضوءٍ؛ لأنَّها منه. قاله المصنَّف (١).

والسنةُ لغةً: الطريقةُ.

واصطلاحًا: ما فعلَهُ النبيُّ وواظبَ عليه، ولم يدلَّ دليلٌ على وجوبِه، ويستحقُّ فاعلُها الثوابَ، ولا يجبُ بتركِها عقابٌ.

(وغَسْلُ كفَّيه) وثانيها: غسلُ يدي متوضِّئ إلى الكوعينِ قبلَ المضمضةِ والاستنشاقِ؛ لأن سيدَنا عثمان وعليًا وعبدَ الله بنَ زيدٍ وَصفُوا وضوءَ النبي ، وذكروا أنه غسلَ كفَّيهِ ثلاثًا (٢)، ولانَّهما آلة تَنْقُلُ الماءَ إلى الأعضاءِ، ففي غسلِهما احتياط لجميعِ الوضوءِ، ومحل كونِ غسلِهما لذلك النوم تعبُّدًا خلافًا للأئمة الثلاثة؛ للحديثِ الوارد في ذلك، وهو قولُه : "إذا استيقطَ أحدُكم من نومِه، فلا يغمسْ يدَه في الإناء حتى يغسلَها ثلاثًا، فإنَّه لا يدري أينَ باتتْ يدُه" رواه الشيخان البخاريُّ ومسلم (٣). وفي لفظ: "فليغسِل يدَه" (٤). والأمرُ للوجوب حتى يصرفَه صارفٌ، فبقيَ على حالِه.

فقولُه: (نومِ ليلٍ) احترزَ به عن نومِ النهار. وقوله: (ناقضٍ لوضوءٍ) احترزَ به عن نومِ الليل، إذا كان غيرَ ناقضٍ للوضوء، فإنَّه لا يجبُ غسلُهما بذلك، والأمرُ التعبديُّ لا يعلَّلُ ولا يُعقَلُ معنَاه.

وقولُه: (ثلاثًا) فلا يُجزِئُ أقل منها.


(١) في "كشاف القناع" ١/ ٩٢.
(٢) حديث عثمان سلف تخريجه ص ٢٨٦، وحديث علي أخرجه الإمام أحمد (٨٧٦)، وحديث عبد الله بن زيد سلف تخريجه ص ٢٨٤.
(٣) لم نقف عليه بهذا اللفظ في "صحيح" البخاري، وهو فيه بالرواية الآتية قريبًا، وأخرجه مسلم (٢٧٨)، من حديث أبي هريرة ، وهو عند أحمد (٧٢٨٢).
(٤) أخرجها البخاري (١٦٢)، وأحمد (٩٩٩٦). ووقع في مطبوع "كشاف القناع" ١/ ٣٤ بلفظ: "يديه".