للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

وذكَرَه في باب الوضوء؛ لأنَّه بَدَلٌ عن غَسْل أو مَسْح ما تحته.

ومسحُ الخفَّين وما في معناهما رخصةٌ، وأفضلُ مِنْ غَسْلٍ؛ لأنَّه عليه الصلاة

المحدِثُ لابسًا لهما مع استيفاء الشروطِ التي تبيح المسح عليهما، وذلك فيما إذا دخل عليه وقتُ الصلاةِ ووجد ما يكفيه لطهارتِه لو مسح على الخفين، ولم يكفِه لها لو غَسَلَ الرِّجلين، فإنَّه يجب عليه حينئذٍ المسحُ على الخفين.

والمسح على الخفين يرفع الحَدَثَ الأصغرَ على الصحيح من المذهب، كمسح الرأس. ووجهُه: أنَّ المسح طهارةٌ بالماء، فَرَفَعَ الحدث، كالغَسل، وكمسح الرأس. وليس هو كالتيمم؛ فإنَّه مبيحٌ لا رافع. دنوشري وزيادة.

(وغيرِهما) كالمسح على العمامة وخُمُرِ النساء والجبيرة وغيرها، فحصل مغايرةٌ بين قوله: "وغيرِهما" وقوله: "وما في معناهما". والحاصل أنَّه يمسح الخفين وما في معناهما، والعمامةَ وما في معناها، كخُمُر النساء، كالجُرْموق، والجَوربِ الصَّفيق -الذي لا تُرى منه البَشَرة، سواءٌ كان موصوفًا أو غيرَه، كخَرْق، وإنْ كان غيرَ مجلَّدٍ أو منعَّلٍ للنساء- والجبيرةِ.

(ومسحُ الخفين) مبتدأ، وقولُه: (رخصةٌ) خبر. وهي لغةً: الانتقالُ من صعوبة إلى سهولة. وشرعًا: ما ثبت على خلاف دليلٍ شرعيٍّ لمُعارِضٍ راجح.

ويقابلها: العزيمة. وهي لغةً: القصدُ المؤكَّد. وشرعًا: ما ثبت بدليل شرعيٍّ خالٍ عن مُعارضٍ راجح. وهما وصفان للحكم الوضعي.

فالمسحُ على الخفين رخصةٌ من الله تصدَّق بها على عباده وسهَّلها لهم. وهو جائزٌ بإجماع أهل السنةِ والجماعة، وثابت بالسنة الصريحة؛ قال الحسن (١): حدثني سبعون مِن أصحاب رسول الله (٢). . . (وأَفضلُ من غَسل) يعني أنَّ المسح لِلَابس الخفِّ


(١) في الأصل: "الحارث"، والمثبت من مصدر التخريج، وكما سيرد قريبًا في "الهداية"، وأخرجه عنه ابن المنذر في الأوسط ١/ ٤٣٣.
(٢) تتمته: أنَّه مسح على الخفين.