للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

وقيحٍ، ودودِ جُرْحٍ؛ لقوله في حديث فاطمةَ: "إنَّه دمُ عِرْق، فتوضَّئي لكلِّ صلاةٍ" رواه الترمذي (١).

وعُلم من قوله: "كثيرًا" أنَّه لو كان غيرُ البولِ والغائطِ قليلًا، لم ينقضْ؛ لمفهوم قولِ ابنِ عباس في الدَّم: إذا كان فاحِشًا، فعليه الإعادة (٢). والكثير: ما فَحش في نفس كلٌ أحدٍ بحسبه. فلو مصَّ علقٌ أو قُرادٌ (٣) -لا ذُبابٌ وبعوض- دمًا كثيرًا، نقض.

وعن عائشةَ أنَّ النبيَّ قال: "مَن أصابه قيءٌ، أو رُعافٌ، أو قَلَسٌ، فلينصرفْ فلْيتوضَّأ" رواه ابنُ ماجه والدارقطني (٤). والقَلَس، بتحريك اللامِ، وقيل: بالسُّكون: ما خرج من الجوف مِلءَ الفمِ أو دونه، وليس بقيء، فإن عاد فهو قيءٌ. دنوشري. (إنه دم عرق) فهي مستحاضةٌ حينئذٍ. (والكثيرُ ما فَحُشَ) يعني: ينتقض الوضوءُ بخروج نجاسةٍ من باقي البدنِ. "فاحشةٍ" (٥) بالجرِّ صفة لـ "نجاسةِ" أي: نجاسةٍ كثيرةٍ حيث كانت، غير بولٍ وغائطٍ؛ لأنَّه خارجٌ نَجِسٌ فاحشٌ، فنقضَ، كالخارج من السَّبيلين. وفُحشُها ليس له حدٌّ، وإنَّما هو (في نفس كلِّ أحدٍ بحسَبه) أي: بحسب حالِه واعتقادِه، فإن اعتقدَ أنَّها فاحشةٌ، انتقضَ وضوءُه، عملًا باعتقاده، وإلَّا، فلا؛ وذلك لقول ابنِ عباس: الفاحشُ: ما


(١) في "سننة" (١٢٥)، وهو عند البخاري (٢٢٨)، ومسلم (٣٣٣) من حديث عائشة بنحوه، وفاطمة: هي بنت أبي حبيش بن المطلب القرشية الأسدية. "الإصابة" ١٣/ ٧٩.
(٢) أخرجه ابن المنذر في "الأوسط" ١/ ١٧٢، والبيهقي ٢/ ٤٠٥.
(٣) القُراد: ما يتعلق بالبعير ونحوه، وهو كالقمل للإنسان. "المصباح المنير" (قرد).
(٤) "سنن" ابن ماجه (١٢٢١) -واللفظ له-، و"سنن" الدارقطني (٥٦٣). قال ابن حجر في "التلخيص الحبير" ١/ ٢٧٤: أعلَّه غير واحد بأنه من رواية إسماعيل بن عياش عن ابن جريج، وروايته عن الحجازيين ضعيفة، وقد خالفه الحفاظ من أصحاب ابن جريج فرووه عنه، عن أبيه، عن النبي مرسلًا، وصحَّح هذه الطريق المرسلة محمد بن يحيى الذهلي والدارقطنى في "العلل" وأبو حاتم.
(٥) الكلام من "منتهى الإرادات" ١/ ١٩، ولعلَّ صاحب الحاشية نقله عن الدنوشري، كما أشرنا إليه قريبًا.