للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وزوالُ عقلٍ، ولو بنومٍ،

الثالثُ من النواقض: أشار إليه بقوله: (وزوالُ عقلٍ) بجنون أو بِرسام (١)، أو تغطيتُه بإغماءٍ أو سُكرٍ، قليلًا كان ذلك أو كثيرًا (ولو) كانت تغطيتُه (بنومٍ) لحديث

فَحُشَ في قلبِك (٢). ولقول النبيِّ : "دَعْ ما يَريبُك إلى ما لا يَريبُك" (٣) ولأنَّ اعتبارَ حالِ الإنسانِ بما يستقبحه غيرُه حرجٌ، فيكونُ منتفيًا عنه. وعن الإمامِ: تُعتبر نفوسُ أَوساطِ الناسِ. اختاره القاضي وجماعةٌ كثيرةٌ، وجزمَ به في "التلخيص". قال في "الإنصاف" (٤): والنفسُ تميل إلى ذلك.

إذا تقرَّر هذا، فتنقُضُ النجاسةُ الفاحشةُ إذا خرجتْ من بدن المتوضِّئِ ولو بقطنةٍ ونحوِها، كخِرقةٍ صغيرةٍ ونحوِها، أو بمصٍّ عَلَقٍ أو قُرادٍ؛ لأنَّه لا فرقَ في نقضِ الوضوءِ بين ما يخرجُ بنفسه أو بمعالجةٍ حيث كان كثيرًا، إلَّا أنَّه لا ينقضُ ما خرجَ بمصٍّ بعوضٍ ونحوِه، كبَقٍّ وذبابٍ وبراغيثَ؛ لقلَّتة ومشقَّةِ الاحترازِ عنه. دنوشري مع زيادة.

(وزوالُ عقلٍ) أي: تمييزٍ (بجنون، أو بِرسامٍ، … أو سكر، قليلًا كان ذلك أو كثيرًا) وهذا بالإجماع على كلِّ الأحوالِ؛ لأنَّ هؤلاء لا يشعرون بحال.

والعقلُ لغةً: المنعُ. وقيل: التثبُّتُ في الأمور. وقيل: سمِّي عقلًا؛ لأنَّه يعقِلُ صاحبَه عن التورُّط في المهالك، أي: يحبِسُه. والجنونُ: زوالُ الشعورِ من القلبِ مع بقاءِ حركة الأعضاء وقوَّتها. والإغماء: زوال الشعور من القلب مع فتورِها. وكلاهما ناقضٌ للوضوء؛ لزوال عقلِهما. حفيد مع زيادة.


(١) البِرسام: عِلَّة يُهذى فيها. "القاموس المحيط" (برسم).
(٢) كذا في "المبدع" ١/ ١٥٧، و"كشاف القناع" ١/ ١٢٤، والظاهر أنه كلام الإمام أحمد كما في "المغني" ١/ ٢٤٩، و"الشرح الكبير" ٢/ ١٦، و"المعونة" ١/ ٣٤٠.
(٣) أخرجه الترمذي (٢٥١٨)، والنسائي ٨/ ٣٢٧ - ٣٢٨ من حديث الحسن بن علي . وهو عند أحمد (١٧٢٣). قال الترمذي: حديث حسن صحيح.
(٤) ٢/ ١٧.