في المكان، والعاملُ فيه الفعلُ المحذوفُ. وأيضًا بُنِيَتْ؛ لتضمُّنها حرفَ الشرطِ، وسيأتي توضيحٌ لها أتمَّ مِن هذا.
(فهذا) الإشارةُ به إنْ كانت قَبل التأليفِ، فإلى ما في الذِّهنِ، وفيه إشكالٌ؛ لأنَّ الحاضرَ في الذهنِ حقيقةً هو المجملُ، ومسمَّى الكتاب هو المفضَّل، وهو غيرُ حاضرٍ في الذهن حقيقةً، والمشارُ إليه يجب حضورُه، فالمشارُ إليهِ هو المجملُ، فلا يصحُّ الإخبارُ عنه بما مسمَّاه المفضَّلُ، وهو قوله:"شرح".
وجوابه: أنَّ المخبَرَ عنه مضافٌ محذوفٌ، أي: مفصَّل هذا المجملِ، فالمشار إليه المجملُ الحاضرُ في الذهنِ، والمخبَرُ عنه المفصَّل، وإن كانت الإشارةُ به بعد التأليفِ، فإمَّا إلى ما في الذهنِ، وقد عُلم ما فيه، وإمَّا إلى ما في الخارجِ، إن جُعل مسمَّى الكتابِ أمرًا خارجيًّا كالنقوشِ المخصوصة، أو الألفاظِ المخصوصةِ، وهي الصادرةُ مِن الشارح في الوقت المخصوصِ على الوجه المخصوصِ، وفيه أيضًا إشكالٌ؛ لأنَّ الموجودَ في الخارج منها ليس إلا الشخصُ، وليس الغرضُ تسميتَه ذلك الشخص، ولا وصفَه بالأوصافِ الآتية، وإنما الغرضُ تسميةُ نوعهِ ووصفِه؟
وجوابه: أنَّه على حَذْفِ مضافٍ، أي: نوع هذا اللفظِ أو النَّقْش. (شَرْحٌ) الشَّرْح في اللغةِ: الشَّقُّ، قال تعالى: ﴿أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ﴾ [الشرح: ١] ويُطلق على الكشْف والإيضاحِ.
وعرفًا: اسمٌ لألفاظٍ مرتَّبة ترتيبًا خاصًّا باعتبار دِلالتها على المعاني، على المختار عند سيِّد المحقِّقين (١) من أنَّ أسماءَ الكُتب وما فيها مِن التراجمِ عبارةٌ عن الألفاظِ المخصوصةِ
(١) يعني: أبا السَّعادات، منصور بن يونس بن صلاح الدين، البهوتي صاحب المتن المذكور أعلاه، وسلفت ترجمته في مقدمة الكتاب، وكلامه في كتابه "كشاف القناع" ١/ ١٧.