للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وطوافٌ، ومسُّ مصحفٍ وبعضِه

ذكرنا. فلو صلَّى مُحْدِثًا، ولو عالمًا، لم يكفر، خلافًا لأبي حنيفة (١).

(و) يَحْرُمُ بحَدَثٍ (طوافٌ) ولو نفلًا؛ لحديث: "الطوافُ حولَ البيتِ مثلُ الصلاةِ، إلا أنَّكم تتكلَّمون فيه، فمَنْ تكلَّم، فلا يتكلَّم إلَّا بخيرٍ" رواه الترمذيُّ (٢).

(و) يَحْرُمُ بحَدَثٍ (مسُّ مصحفٍ وبعضِه) بيدٍ وغيرِها، حتى جلده المتَّصل به

(فلو صلَّى محدِثًا، ولو عالمًا، لم يكفرْ) قال البُهُوتي: لعلَّ المرادَ من غير استحلالٍ.

(ويحرُمُ بحدَثٍ طوافٌ) فرضًا كان أو نفلًا؛ لقوله : "الطوافُ بالبيت صلاةٌ، إلَّا أنَّ اللهَ أباحَ فيه الكلامَ". رواه الشافعيُّ في "مسنَده" (٣). وإذا ثبتَ أنَّه مثلُ الصلاةِ، فلا يصحُّ مع الحدث. قال في "الإنصاف" (٤): وأمَّا الطوافُ، فتُشترط له الطهارةُ، على الصَّحيح من المذهبِ، فيحرمُ فِعْلُه بلا طهارةٍ، ولا يُجزئه.

(ويحرمُ بحدثٍ مسُّ مصحفٍ وبعضِه) ولو بغير يدِه، ولو كان الماسُّ صغيرًا، كما ذكره في "الإقناع" (٥)، إِذ مقتضى الحديثِ المذكورِ في "الشَّرح" أنَّه لا يباحُ مسُّه بشيءٍ من جسدِه وهو محدِثٌ حتى يتطهَّرَ، أو يتيمَّم إن احتاجَ، وهو شاملٌ لما يسمَّى مصحفًا، من الكتابة والجلدِ والحواشي والورقِ الأبيض المتصلِ به؛ فلهذا قال الشَّارح: "حتى جلده المتَّصل به" لأنَّه كالجزء منه، فيحرمُ مسُّه بلا طهارةٍ. (بيدٍ وغيرِها) لأنَّ عمومَ المسِّ يشملُ ما كان باليدِ وغيرِها. فكلُّ [شيءٍ] (٦) لاقَى شيئًا، فقد مسَّه. فيحرُمُ مسُّه بصدره. ولا يجوز مسُّه بعضوٍ طهَّره حتى يكملَها؛ لأنَّ أعضاءَ الوضوءِ كالعضو الواحدِ.


(١) "شرح فتح القدير" للكمال ابن الهمام ١/ ١٨٨.
(٢) في "سننه" (٩٦٠) عن ابن عباس مرفوعًا، وأخرجه النسائي في "الكبرى" (٣٩٣١) عن ابن عباس موقوفًا. قال الحافظ في "التلخيص الحبير" ١/ ١٢٩: واختلف في رفعه ووقفه، ورجح الموقوف النسائي والبيهقي وابن الصلاح والنووي، وصحَّح المرفوع الحاكم. ومال إليه ابن حجر.
(٣) لم نقف عليه في المطبوع من "مسنده". وينظر تخريجه في "الهداية".
(٤) ٢/ ٧١.
(٥) ١/ ٦١.
(٦) ما بين حاصرتين من "شرح منتهى الإرادات" للبهوتي ١/ ١٥٠.