للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ويحرُمُ بحدثٍ صلاةٌ،

تطهَّر، وإلا، فعلى ضدِّها.

(ويَحْرُمُ بحَدَثٍ) أصغرَ، أو أكبرَ، أي: بسببه، أو مَعَهُ (صلاةٌ) بالرَّفْع فاعل: "يحرم"، فرضًا كانتِ الصلاةُ، أو نفلًا. ولو صلاةَ جنازةٍ، وسجودَ تلاوة؛ لما روى ابنُ عمر أنَّ النبيَّ قال: "لا يقبلُ الله صلاةَ بغير طهور" رواه مسلم (١)، وهو يعمُّ ما

محذوفٍ. أي: عند جهلِه أسبقَهما يَنظرُ في حاله قبلَهما، أي: قبل وجود الطهارة وقبل وجود الحدث، فإن جهل أيضًا حاله قبلهما، فهو محدِثٌ، وتطهَّر للصلاة ونحوِها وجوبًا؛ وذلك لوجود يقينِ الحدثِ في إحدى المرَّتين، والأصلُ بقاؤه، ووجودُ يقينِ الطَّهارة في المرَّة الأُخرى مشكوكٌ فيه، هل كان قبلَ الحدثِ أو بعدَه، فلا يرتفعُ يقينُ الحدثِ بالشكِّ في رفعه، ولأنَّه لا بدَّ من طهارةٍ متيقنةٍ، وليست موجودةً هنا، فوجبَ الوضوءُ.

(وإلَّا، فعلى ضدِّها) أي: وإن لم يجهل حالَه قبلَهما، أي: تيقَّن وجودَ الطهارةِ قبلَهما، بل كان عالمًا بها، فهو على ضدِّها، أي: على ضدِّ تلك الحالةِ المعلومةِ له التي كان عليها قبلَهما. فإنْ كان في تلك الحالةِ محدِثًا، فهو الآنَ متطهِّر؛ لأنَّه تيقَّن ارتفاعَ ذلك الحدثِ بطهارةٍ، ولم يتيقَّن زوالَ تلك الطهارةِ بحدث آخَرَ؛ لاحتمال أن يكونَ الحدثُ الذي تيقَّنه هو الذي كان قبلَ الطهارةِ، فلم يَزُل يقينُ الطهارةِ بالشكِّ. وإنْ كان متطهِّرًا، فهو الآنَ محدِثٌ؛ لأنَّه تيقَّن انتقاضَ تلك الطهارةِ بوجود الحدثِ، ولاحتمال أنَّ الطهارةَ التي تيقَّنها هي التي كانت قبل الحدثِ، فلم ترتفعْ بيقين الحدثِ، ولأنَّه تيقَّن الانتقالَ عن تلك الحالةِ التي كان عليها. دنوشري.

(ويَحرُمُ بحدَثٍ صلاةٌ) إجماعًا، بشرط القدرةِ على الطهارة. وهو يعمُّ ما ذكرنا من الفرضِ، والنفلِ، والسجودِ المجرَّد، كسجود التِّلاوةِ والشُّكر، وصلاةِ الجنازة، سواءٌ كان عالمًا أو جاهلًا. وحكى ابنُ حزمٍ والنوويُّ (٢) عن بعض العلماءِ جوازَ الصلاةِ على الجنازةِ بغير وضوءٍ ولا تيمُّم.


(١) برقم (٢٢٤)، وهو عند أحمد (٤٧٠٠).
(٢) "شرح صحيح مسلم" ٣/ ١٠٣.