للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

الرجلُ يخيَّل إليه أنَّه يجدُ الشيءَ في الصَّلاة؟ فقال: "لا ينصرفُ حتى يسمعَ صوتًا، أو يجدَ ريحًا" متَّفق عليه (١). ولأنَّه إذا شكَّ، تعارض عندَه أمران؛ فوجب سقوطُهما والرجوعُ إلى الأصْلِ، فيُعمل به ولو عارضه ظنٌّ. والمرادُ بالشكِّ هنا خلافُ اليقين، كما هو معناه لغةً على ما في "القاموس" (٢). فإن تيقَّن الطهارةَ والحدثَ، وجَهِلَ أسبقَهُما، فإن جهل حاله قَبْلَهما،

تعارضتا، تساقطتا، ويرجعُ إلى اليقين، سواءٌ كان في الصَّلاة أو خارجَها، وسواءٌ تساوَى عنده الأمران أو غلبَ على ظنه أحدُهما؛ لأنَّ غلبةَ [الظَّنِّ] إذا لم يكنْ لها ضابطٌ في الشَّرع، لم يُلتفت إليها، كظنِّ صدقِ أحدِ المتداعيَين، بخلاف القِبلةِ والوقتِ، فإنَّه يُعمل فيهما بغلبةِ الظنِّ. هذا في اصطلاحِ الفقهاءِ.

وعند الأصوليِّين: ما استوى طرفاه فشكٌّ، وما اختلفا فالراجحُ ظنٌّ، والمرجوحُ وَهْمٌ.

واليقينُ: ما أذعنت النفسُ للتَّصديق به وقطعت به، وقطعت بأنَّ قطعَها صحيحٌ. وقال البيضاويُّ: واليقين: إتقانُ العلمِ بنفي الشكِّ والشبهةِ عنه (٣) بالاستدلال؛ ولذلك لا يوصف به علمُ الباري، ولا العلومُ الضروريةُ. وقال الفخر الرازيُّ (٤): هو العلمُ بالشيءِ بعد أن كان صاحبُه شاكًّا فيه؛ ولهذا لا يوصفُ به اللهُ تعالى. دنوشري.

(الرَّجُلُ يخيَّل إليه) أي: أمرُ الرجل. منه (يجد الشيءَ) أي: الحركةَ التي يظنُّها حَدَثًا. مصنِّف. (فإن تيقَّن الطهارةَ والحدثَ) بأن تيقَّن وجودَ حدثِ، وتيقن وجودَ طهارةٍ سابقَين على حالته التي هو عليها (وجهلَ أسبقَهما) أي: جهل السابقَ منهما ولم يعلم الآخِر -بكسر الخاءِ- بأن لم يدرِ الحدثَ قبل الطهارةِ، أو بالعكس (فإنْ جهلَ حاله قبلهما) مفرَّعٌ على


(١) "صحيح البخاري" (١٣٧)، و"صحيح مسلم" (٣٦١)، وسلف ص ٣٥٠.
(٢) مادة (شكك).
(٣) في الأصل: "وعنه"، والمثبت من "تفسير البيضاوي" ١/ ٦٢.
(٤) "التفسير الكبير" ٢/ ٣٢.