للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وله حمله بلا مسٍّ،

(وله) أي: للمُحدِثِ (حملُه) أي: المصحفِ (بلا مسٍّ)

"فائدة": في كراهة نَقطِ المصحفِ، وشَكلِه، وكتابة الأخماسِ، والأَعشارِ، وأسماءِ السُّورِ، وعددِ الآياتِ؛ روايتان. وتتخرَّج الروايتان في كتابة الأجزاءِ، والأحزابِ، والأرباعِ، والأثمان، ومكِّيةٍ ومدنيَّةٍ؛ أحدُهما: يكره. وهو اختيارُ مَن يقولُ بها، لأنَّ ذلك مُحدَثٌ، لأنَّه إذا جُرِّدت، لا يكونُ فيه إلَّا كلامُ اللهِ تعالى الذي أنزلَ على رسوله. وبه قال الشعبيُّ والنَّخَعي (١). والروايةُ الأخرى: يُستحبُّ ذلك؛ لأنَّه صيانةٌ له عن اللَّحن والتصحيفِ.

وأجيب عن القولِ بالكراهة: أنَّ ذلك كان خوفًا من التَّغيير، وقد أُمن اليومَ، ولا منعَ كونه محدَثًا؛ فإنَّه من المحدَثات الحسنةِ، كتصنيف العلمِ. وعنه: يستحبُّ نَقْطُه. قال ابنُ حمدان: ومثلُه شَكلُه. ويكره التفسيرُ فيه. وعنه: لا بأسَ به. ويحرُمُ مخالفتُه خط عثمانَ في واوٍ، وياءٍ، وألفٍ، وغيرِ ذلك. نصَّ عليه.

"تنبيه": يجوز تقبيلُ المصحفِ. قدَّمه في "الرعاية" وغيرِها. وعنه: يُستحب؛ ولأنَّ عِكرمةَ ابنَ أبي جهلٍ -رضي اللهُ تعالى عنه- كان يضعُ المصحفَ على وجهه ويقول: كتابُ ربِّي، كتابُ ربِّي. رواه الدارميُّ (٢) بإسناد صحيح. وعنه: التوقفُ. ولا يكرهُ تطييبُ المصحفِ ولا جعله على كرسي أو كيس حرير فصل عليه، بل يباحُ ذلك، وتركله على الأرض، وتكره تحليتُه بذهبٍ أو فضَّةٍ. قدَّمه ابنُ تميمٍ وابنُ حمدان. وعنه: لا يكره. وقيل: يحرُمُ كبقيَّة الكتبِ. وقيل: تباحُ عِلاقته للنساء من ذهبٍ أو فضةٍ أو حريرٍ. قال الشيخ تقيُّ الدين (٣): إذا


(١) ينظر "مصنف" عبد الرزاق ٤/ ٣٢٢ - ٣٢٥، و"المصاحف" لأبي داود ٢/ ٥٢٠ وما بعدها، و"المحكم في نقط المصاحف" للداني ص ١٠ وما بعدها.
(٢) برقم (٣٣٥٠).
(٣) "الاختيارات الفقهية" ص ٢٩.