للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ولبثٌ بمسجدٍ

(و) من لَزِمَه غُسلٌ، حَرُم عليه (لُبْثٌ) بضمِّ اللام: اسم مصدر، لَبِثَ بالمكان: أقام به (بمسجدٍ) ولو مصلَّى عيدٍ، لا جنازةٍ، حتى حائض ونفساء انقطع دمُها؛ لقوله تعالى: ﴿وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا﴾ [النساء: ٤٣]، وقولِه : "لا أُحِلُّ المسجدَ لحائضٍ ولا جُنُب" رواه أبو داود (١). ومحلُّ حرمة اللُّبْث بالمسجدِ على من

وله أيضًا تحريكُ شفتِه بالقرآن وكلماتِه إن لم يُبيِّنِ الحروفَ.

قال في "الفروع" (٢): وله قراءةٌ لا تُجزِئُ في الصلاة، لإسراره بها. قلت: بحيثُ لا يسمَعُ نفسَه.

قال أبو المعالي: وله أن يَنْظُرَ في المصحفِ من غيرِ تلاوة، ويقرَأ القرآنُ عليه وهو ساكتٌ؛ لأنه في هذه الحالةِ لا يُنسَبُ إلى قراءةٍ، وله التفكر فيه.

وله أيضًا قولُ ما وافقَ قرآنًا، ولم يقصِدْهُ، كقولِ عاطسٍ: الحمدُ لله رب العالمين.

ونحو ذلك، كقولِه: بسم الله. تبركًا على الغُسل والوضوء، والحمدُ لله عندَ تجددِ نعمة، واندفاعِ نقمة، وكآيةِ الاسترجاعِ، وهي: إنا لله وإنا اليه راجعون. وكآيةِ الركوب، وهي: سبحانَ الذي سَخر لنا هذا وما كنا له مُقرِنين؛ لأنه إذا لم يَقصِد بهذا القول قرآنًا، لا يكون قرانًا. وللجُنُبِ أيضًا أنْ يذكرَ اللهَ تعالى.

(حتى حائض … إلخ) غاية لقوله: "ومن لزمه غسل"، وقوله: (انقطعَ دمُها) مع أمنِ تلويثه، ومع خوفه، يحرمُ اللبثُ والعبور. ﴿وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا﴾ والسبيلُ هو: الطريقُ. ويقاسُ على الجُنبِ الحائضُ والنفساءُ إذا انقطعَ دمُها.

ويُكرَه اتخاذُ المسجدِ طريقًا، وقيل: يحرمُ على حائضٍ وجُنُبٍ، كما لو حَصَل تلويثُ.


(١) في "سننه" (٢٣٢) عن عائشة . قال الإشبيلي في "الأحكام الوسطى" ١/ ٢٠٧: ولا يثبت
من قبل إسناده. اهـ وتعقبه ابن القطان فحسنه في "بيان الوهم والإيهام" ٥/ ٣٣٢.
(٢) ١/ ٢٦١.