للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

بلا وضوءٍ، وله المرورُ به،

ذكِرَ إذا كان (بلا وضوءٍ) فإن توضؤوا، جاز لهم اللُّبْثُ؛ لقولِ عطاءِ بنُ يسار: "رأيتُ رجالًا من أصحاب رسول الله يجلِسُون في المسجد وهم مُجْنِبُون إذا توضَّؤوا وضوء الصَّلاة" رواه سعيدُ بنُ منصور (١) والأثرمُ، وإسنادُه صحيح. قاله في "المبدع". ولأنَّ الوضوءَ يخفِّف الحَدَثَ فيزولُ بعضُ ما منعه. قال الشيخُ تقيُّ الدِّين: وحينئذٍ فيجوزُ أنَّ ينامَ في المسجد حيثُ ينامُ غيرُه (٢).

(وله) أي: لمن لَزِمَه غُسْلٌ (المرور به) أي: بالمسجد؛ لقوله تعالى: ﴿وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا﴾ [النساء: ٤٣] وهو الطَّريق.

نصَّ عليه. والمذهب الأوَّل. دنوشري.

(بلا وضوء) فإنْ تعذَّر على من قلنا: يَجوزُ له اللبثُ بالوضوء، واحتيجَ للبثٍ فيه بأنْ وإن الماءُ خارجًا عن المسجد، ويخشَى على نفسِه من أعوانِ الظلمةِ أو اللصوصِ إذا خرج، جازَ اللبثُ في المسجدِ بلا تيمُّمٍ. والأَوْلَى للجُنُبِ أنْ يتيمَّم للبثٍ لغسلٍ في المسجد، يعني: إنْ أرادَ أنَّ يغتسلَ في المسجد، ولم يقدرْ على الوضوءِ ولا الغُسْل عاجلًا، فإنَّه يتيمَّمُ لذلك اللُّبث.

قال صاحب "المنتهى" في شرح هذا المحل: وقولُ ابنِ قندس في "حاشيته على الفروع" (٣): واحتاجَ إلى اللبث فيه. مخالفٌ لما تقدَّم من أنَّه إذا تعذَّرَ واحتيجَ للبثٍ، جاز بلا تيمُّمٍ، والظاهرُ تقييده بعدمِ الاحتياج. كما أجاب به (٤).

قال في "الإنصاف" (٥): وأمَّا لُبثُه فيه لأجلِ الغُسل، فالصحيحُ من المذهبِ أنَّه يتيمُّمُ له. انتهى. قال الدنوشري: قلت: ويُحمَلُ كلامُ "الإنصاف" على الأولويَّةِ، فينتفي التعارضُ بين العبارتين. انتهى.

ولا يُكرَه في المسجدِ غُسْل ولا وضوءٌ، ما لم يؤذِ بهما، على الصحيح من المذهب.


(١) في "سننه" ٤/ ١٢٧٥ (٦٤٦ - التفسبر).
(٢) "مجموع فتاوى شيخ الاسلام ابن تيمية" ٢١/ ٣٤٥.
(٣) ١/ ٢٦٣.
(٤) "معونة أولي النهي" ١/ ٣٩٦.
(٥) ٢/ ١١٦.