للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

وعن جابرٍ: "كان أحدُنا يمرُّ في المسجدِ جُنُبًا مجتازًا" رواه سعيدُ بنُ منصور (١). وسواءٌ كان لحاجةٍ" أوْ لا، ومن الحاجةِ كونُه طريقًا قصيرًا، لكن كَرِهَ الإمامُ أحمدُ اتِّخاذَه طريقًا. وشُرِطَ لجواز مرورِ حائضٍ ونفساءَ بمسجدٍ أنَّ تأمنا تلويثَه.

قال في "الفروع" (٢) في باب الوضوء: ويباحُ هو وغُسْلٌ في مسجدٍ إنْ لم يُؤذِ به أحدًا، حكاه ابنُ المنذر إجماعًا، وعنه: يكره، وفاقًا لأبي حنيفة ومالك.

وقال بعضُ الأصحاب: لا يجوز، ولعلَّه على روايةِ أنَّ المستعمَل في رَفْعِ الحدث نجسٌ، وعلى هذا فهو واضحٌ.

وتكرهُ إراقةُ ماءِ الغُسْل والوضوءِ بالمسجد، وبمحلٍّ يُداسُ، كالطريق، ونحوِها، تنزيهًا للماء؛ لأنَّه أثرُ عبادةٍ، كما جزَمَ به في "الرعاية".

ويمنَعُ من عبورِ المسجد -كما ذكره في "الإقناع"- واللبثِ فيه مجنونٌ، وسكران، وحائضٌ، ونفساء، ولو انقطع دمهما (٣). قال في "الإنصاف": على الصحيح من المذهب (٤).

ويمنعُ أهلُ الذِّمَّةِ من دخولِ مساجدِ الحِلِّ، ولو بإذن مسلمٍ، كما يُمنَعُون من دخولِ حَرَمِ مكَّة، ويجوزُ دخولُ المسجدِ للذِّمِّي إذا استؤجِرَ لعمارته، كما سيأتي في بابه إن شاء الله تعالى. ويمنعُ من المسجدِ أيضًا من عليه نجاسة تتعدَّى ولا يُتَيمَّمُ لها لعذرٍ، وقال بعضهم: يُتيَمَّمُ لها للعذر، وهو ضعيف.

ويُكْرَه للمكلَّف القادرِ على المنع تمكينُ صغيرٍ من المسجد. نقل مهنَّا: ينبغي أنَّ تُجنَّبَ الصبيانُ المساجدَ.


(١) في "سننه" ٤/ ١٢٧٠ (٦٤٥ - تفسير)، وأخرجه أيضًا ابن أبي شيبة ١/ ١٤٦، والدارمي (١١٧٤).
(٢) ١/ ١٩١.
(٣) ما ذكره هنا مخالفٌ لما ذكر الحجاوي في "الإقناع" ١/ ٦٩ في شأن الحائضِ والنفساء. قال في
"الإقناع": ولجنب عبور مسجد ولو لغير حاجة، وكذا حائض ونفساء مع أمن تلويثه. اهـ.
(٤) قال المرداوي في "الانصاف" ٢/ ١١٦: حكم الحائض والنفساء بعد انقطاع الدم، حكمُ الجنب فيما تقرر، على الصحيح من المذهب. اهـ. فقوله مخالف لما نقل عنه المحشِّي. فليتأمل.