للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقولُ ما وافقَ قرآنًا ولم يقصِدْه، كالبسملةِ، والحمدلةِ.

(و) لمن عليه غُسْلٌ (قولُ ما وافقَ قرآنًا) من الأذكار (ولم يَقصِدْه) أي: القرآنَ (كالبَسملةِ، والحمدلةِ) وآيةِ الاسترجاع، والرُّكوب (١).

وعُلم منه أنَّه لو قصد القرآنَ، حرُم، وكذالو قرأ مالا يوافقُه ذِكرٌ، ولم يَقْصِدْ به القرآنَ. وله تهجِّيه، وتحريكُ شفتيه به إن لم يبيِّنِ الحروفَ، ونظرٌ في مصحف، وأن يُقرأ عليه وهو ساكتٌ.

قال الدنوشري: قلت: لأنَّ الصغيرَ لا يتحرَّزُ من النجاساتِ غالبًا، فلا يُؤمَنُ منه التلويثُ، والمراد إذا كانَ صغيرًا لا يميِّزُ، وكانَ لغيرِ مصلحَة ولا فائدةٍ.

وقال في "الآداب الكبرى": يباحُ غَلْقُ أَبوابه؛ لئلا يدخله من يكره دخوله فيه. انتهى (٢).

قال في "المنتهى" و"شرحه" (٣): وَيحرمُ تكسُّبُ [صنعة] فيه. أي: في المسجدِ، قليلًا كان التكسب أو كثيرًا، احتاج إليه أَوْ لا؛ لأنَّه ليس معدًّا للصناعة وإنَّما هو معدٌّ للعبادة والاعتكاف. وفُهِم من قولِه: تكسُّب. أنَّه لو عَمِل لنفسِه خياطَةً أو غيرها، لا للتكسُّب، فإنَّه يجوزُ. اختارَه الموفَّقُ، وصاحبُ "منتهى الغاية" (٤)، وغيرُهما. وقال ابن البنَّا: لا يجوز.

واستثنَى بعضُهم من حُرمَةِ التكسُّب بالصنعةِ الكتابةَ، قال: لأنَّها نوعُ تحصيلٍ للعلم. (وله تهجِّيه) هو تعدادُ حروفِه بأسمائها؛ لأنَّه ليسَ بقراءةِ للقرآن، فتبطلُ به الصلاة؛ لخروجِه عن نظمِه وإعجازِه، وله التفكُّر فيه. (ونحريك شفتيه به … إلخ) فإنْ بيَّن الحروفَ، حَرُمَ، ولو لم يُسْمِع نفسَه، وله إجراؤُه على قلبِه، وإن لم يَسمَعِ القراءةَ.

وقوله: (ونظر في مصحف) ولمن وجبَ عليه غسلٌ نظرٌ في المصحف من غير تلاوة. ح ف. (وعلم منه أنَّه لو قَصدَ القرآنَ، حَرُمَ) هذا مفهومُ المتنِ.


(١) آية الاسترجاع قوله تعالى: ﴿الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ﴾ [البقرة: ١٥٦]، وآية الركوب قوله تعالى: ﴿لِتَسْتَووا عَلَى ظُهُورِهِ ثُمَّ تَذْكُرُوا نِعْمَةَ رَبِّكُمْ إِذَا اسْتَوَيْتُمْ عَلَيْهِ وَتَقُولُوا سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ﴾ [الزخرف: ١٣].
(٢) "الآداب الشرعية" لابن مفلح ٣/ ٣٨٤.
(٣) "معونة أولي النهى" ٣/ ٣٩٨، وما بين حاصرتين زيادة منه.
(٤) هو عبد السلام بنُ تيمية الشهير بـ "المجد" وصاحب "المحرر" وغيره. "الدر المنضد" ص ٣٥.