للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

قال المصنف رحمه الله تعالى:

(قال المصنِّف رحمه الله تعالى): يعني: أنَّ مجموعَ البسملةِ وما بعدَها مقولٌ لهما، فالبسملةُ للمصنِّف مثلًا خاصَّة، كبقيةِ ألفاظِ المتنِ، والذي للشارح هو ما شَرَح به المتنَ، مما هو مميَّز عنه، وعليه فَلِمَ يَبدأُ الشارحُ بالبسملة؟ وأُجيب: بجَعْل البسملةِ مقولةً لهما معًا، فللمُصنِّف من حيثُ الابتداءُ بها لفظًا، وكتابةً تحقيقًا، وللشارحِ من حيثُ نَقْلُ ما كتبَه المصنِّف تبرُّكًا به.

إِنْ قيل: الواقعُ مِن المصنِّف إنَّما هو مجرَّدُ الكتابةِ؟

أُجيب: بأنَّه بلغَه أنَّه تلفَّظ حقيقةً بأَنْ أمْلاهُ، أوْ مع الكتابةِ إن لم يُمْلِها، أو بناهُ على الغالِبِ مِن أنَّ مَن كتبَ شيئًا تلفَّظ به، أو لأنَّها في قوَّة اللفظِ، فهو من قَبيلِ: القَلَمُ أحَدُ اللسانَيْن (١). أو باعتبارِ أنَّ اللفظَ مدلولُها؛ لِما تقرَّر أنَّ الكتابةَ تدلُّ على العبارةِ، والعبارةَ على ما في الذهنِ، وما في الذهنِ على ما في الخارج، وقد عَلمتَ مما ذُكر أنَّ القولَ يُطلَق على اللفظ وعلى الكتابةِ، فيقالُ: قال المصنِّف، أي: تلفَّظ أو كتبَ، ويُطلَق على معانٍ أُخَرَ أيضًا، يُقال: قال به، أي: حكَم به، وقال عنه، أي: رَوى عنه، وقال له، أي: خاطَبَه، وقال عليه: أي: افْتَأتَ عليه، وقال فيه، أي: اجتهدَ فيه.

وقوله: "المصنِّف" مِن التصنيفِ وهو: جَعْل كلِّ صِنْف على حِدَتِه. فهو أخصُّ من التأليفِ الذي هو مُطلَق الضمِّ، كذا لشيخِ الإسلامِ زكريّا (٢) في بعضِ كتبِه، وذكر الناصهري (٣) أنَّ التصنيفَ والتأليفَ مترادفان، وهو المتعارف.


(١) أورده بهذا اللفظ ابن قتية في "عيون الأخبار" ١/ ٤٧، وأورده الميداني في "مجمع الأمثال" ٢/ ١٣٠، بلفظ: القلم أحد الكاتبين.
(٢) هو: أبو يحيى، زكريا بن محمد بن أحمد، الأنصاري، المصري، الشافعي، قاضٍ مفسر، من حفاظ الحديث، صاحب تصانيف، منها: "فتح الرحمن" في التفسير، و "تحفة الباري على صحيح البخاري"، و "شرح ألفية العراقي" … (ت ٩٢٥ هـ - وقيل: ٩٢٦ هـ). "النور السافر" للعيدروسي ص ١٢٠، و "الأعلام" ٣/ ٤٦.
(٣) كذا في الأصل الخطي، ولم نهتدٍ إليه.