للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

فإنْ خُلِّلَت ولو بنقلٍ لقصدِ تخليلٍ، لم تَطْهر.

ودَنُّها مثلُها يطهرُ بطهارتها، ولو ممَّا لم يلاقِ الخَلَّ مما أصابَه الخمر في غليانه،

كانَ شرابُهم إلَّا البُسْرُ (١) والتمرُ، سُمِّيَت بذلك؛ لتخميرِها العقلِ، أي: تغطيتِها إيَّاه، ومنه: خِمَارُ المرأةِ، وكلُّ شيءٍ غَطَّى شيئًا فقد خَمَرَه، أو لأنَّها تُرِكَتْ حتى أدْرَكَتْ واختمرَت (٢). وحكمُها أنَّها تطهُرُ بالاستحالةِ في المنصوصِ، لا نعلمُ فيه خلاقًا؛ لأنَّ نجاستَها لشدَّتِها المُسكِرة (٣)، وهي حادثةٌ، وقد زالتْ من غيرِ نجاسةٍ خَلَفَتْهَا، فوجبَ أن تطهرَ، كالماءِ المتغيِّر بالنجاسةِ إذا زالَ تغيُّره بنفسه. ح ف مع زيادة. (وكذا لو انقلبَتْ خلًّا بنقلِها … إلخ) عطف على قوله: "بنفسها"، بأنْ نُقِلَت من الشمس إلى الظلِّ، أو عكسه، أو من إناء … إلخ، فيما تقدم من التفصيل في الخمرة، فإن انقلبت بنفسِها خلًا، فإنَّها تطهرُ، وكذا لو انقلبَ النبيذُ خلًّا بنقلِه بلا قصدِ تخليل … إلخ.

(فإن خُلِّلَت … إلخ) هذا مفهومُ قوله: "بنفسها"، فهو محترزُ ذلك. (ولو بنقل لقصدِ (٤) تخليلٍ، لمْ تطهُر) لأنَّ الشرعَ أكَّدَ تحريمَها، وإيجابَ إراقتِها، فوجب سَدُّ بابِ المعالجةِ في تطهيرِها كفًّا للنفوسِ عن ممارستِها؛ خوفًا من الوقوعِ في المحذور، كما تَحْرُمُ الخلوةُ بأجنبيَّةٍ، خوفًا من الزنى، وهو يستوي فيه تخليلُها بالنقلِ، والطرحِ فيها، كما لو طَرَحَ فيها السُّكَّرَ حتى حلَّت، وذهبتِ الشدَّةُ، فلم تطهر. ح ف.

(لقصدِ تخليلِـ) ـها، فلو انقلبتْ خلًّا بنقلٍ من دَنٍّ إلى آخرَ، ومن موضعٍ إلى آخرَ، من غيرِ قصدٍ لذلك، فتطهرُ.

(ودَنُّها) أي: الخمرةِ، وهو وعاؤها (مثلها) يطهرُ بطهارتِها؛ لأنَّ مِنْ لازمِ الحكمِ


(١) هو ثمرٌ من النخل معروف. "المصباح المنير" (بسر).
(٢) "القاموس المحيط" (خمر).
(٣) في الأصل: "المنكرة"، والتصويب من "المبدع" ١/ ٢٤٢.
(٤) في الأصل: "قصد".