للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولا استحالةٍ، إلَّا خمرةً تَنقلِبُ خلًّا بنفسها.

(ولا) تَطهرُ النَّجاسةُ أيضًا بـ (استحالةٍ) أي: انتقالٍ من صفةٍ إلى صفة، فالمتولِّد منها، كدودِ جرحٍ، وصراصرِ كُنُف (١)، وكلب وَقَع في مَلَّاحةٍ (٢) فصار مِلْحًا، نَجِسٌ؛ لأنَّه نَهى عن أَكل الجلَّالة وألبانِها (٣)؛ لأَكلِها النجاسة، ولو طَهُرت بالاستحالة؛ لم يَنْهَ عن ذلك.

(إلَّا) علقةً يُخلَق منها حيوانٌ طاهرٌ، فتطهرُ بذلك. وإلَّا (خَمرةً تَنْقَلِبُ خلًّا بنفسها) فتطهر؛ لأنَّ نجاستَها؛ لشِدَّتها المُسكِرة الحادثة لها، وقد زَالت من غير نجاسةٍ خَلَّفتها، كالماء المتغيِّر الكثير يَزولُ تغيُّره بنفسِه. وكذا لو انقلبتْ خَلًّا بنقلِها من دَنٍّ (٤) إلى دنٍّ أو من موضعٍ إلى غيره بلا قصدِ تخليل.

وحَرُم تخليلُها ولو لِيَتيمٍ؛ لحديثٍ مسلم (٥) عن أنس قال: سئل النبي عن الخمر تُتَّخذُ خَلًّا؟ قال: "لا". والنبيذُ كالخمرِ فيما تقدَّم.

(كدود جرحٍ) وكالميتةِ تصيرُ بتطاولِ الأزمانِ ترابًا، فـ "المتولِّدُ" مبتدأ، خبرُه قوله: "نجسٌ".

(يُخلَقُ منها حيوانٌ طاهر) فإنَّها تصيرُ طاهرةً بعد أنْ كانت متنجِّسة، فتطهرُ باستحالتِها حيوانًا طاهرًا، سواءٌ كانَ مأكولًا، أم لا.

(فتطهرُ بذلك) أي: بالاستحالةِ.

(تنقلبُ خلًّا بنفسِها) أي: من غيرِ نقلٍ، ولا وضعِ شيءٍ فيها.

والخمرُ: هي ما أسكرَ من عصيرِ عنبٍ وغيرِه؛ لأنَّها حُرِّمَت وما بالمدينةِ عنبٌ، وما


(١) الكنف: جمع كنيف؛ وهو المرحاض، سمي كنيفًا لأنه يستر صاحبه. "المصباح المنير" (كنف).
(٢) الملَّاحة بالتثقيل: منبت الملح. "المصباح المنير" (ملح).
(٣) أخرجه أبو داود (٣٧٨٥)، والترمذي (١٨٢٤)، وابن ماجه (٣١٨٩) عن ابن عمر . والجَلَّالة من الحيوان: التي تأكل العذرة. النهاية (جلل).
(٤) الدَّنُّ: أَطْولُ من الحُبِّ أو أصغر. اللسان (دنن).
(٥) برقم (١٩٨٣).