متلبِّسًا ومصاحبًا، أو مستعينًا ومتبرِّكًا باسمِ اللهِ، فالباءُ للمصاحبةِ، أو الاستعانة متعلِّقة بمحذوفٍ، وتقديره فعلًا خاصًّا
ذلك مما هو مبسوطٌ في محلِّه، هذا والأوجَهُ والأرجح ما تقدَّم من تقديرِ الخاصِّ؛ لأنَّه أكثرُ فائدةً، وهذا هو مرادُ الشارحِ بذكْرهما؛ بدليلِ ما يأتي.
(متلبِّسًا) إشارة إلى أنَّ الباءَ للمُلابَسة على وجهِ التَبرُّك، وإلى أنَّ التسميةَ قَيْدٌ للتأليفِ، حالٌ مِن فاعِله، وكذا "الحمد لله" فكأنَّه قال: أُؤلِّف حالَ كوني متلبِّسًا ومتبرِّكًا ببسمِ الله الرحمنِ الرحيمِ، قائلًا: الحمدُ للهِ.
ثم إنَّ التبرُّكَ مِن عَرضيات الملابَسة، كالضاحكِ للإنسان، وأخصُّ منها؛ لأنَّها تكون على جهةِ التبرُّك وعلى غيرِها، وليس من جزئياتِها، كما تُوهِم، والملابَسة هي ما يعنيه النُّحاةُ بالمصاحبَة، وبقولِهم: الباء تكون بمعنى "مع" ومِن ثمَّ لَمْ يَقُل: فالباءُ للملابَسة، فعَطْفُ "أو" مصاحبًا على "متلبِّسًا" تفسيريٌّ، والأوَّل أَولى؛ لإساءة الأدبِ في جَعْل اسمِه آلةً.
(فالباءُ … إلخ) مفرَّعٌ على قوله: "متلبِّسًا … إلخ".
(وتقديره فعلًا خاصًا … إلخ) أمَّا أَولويَّة كونه فِعْلًا؛ فلأنَّ الجارَّ والمجرورَ معمولٌ، والأصلُ في العاملِ أن يكون فِعلًا.
وكونه خاصًا؛ لأنَّه أيسرُ بالمقامِ وأوْفَى لتأديةِ المرَام، ولأنَّه يدلُّ على التبرك في جميعِ ذلك الشيءِ ولأنَّ كلَّ شارعٍ في فنٍّ يُضمِر ما كانت التسميةُ مبدأً له، بخلاف العامِّ فإنَّه لا يَدلُّ على ذلك إلَّا في ابتدائِه.