للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومنيُّه، ومنيٌّ آدميٍّ،

أرادوا الصَّلاة. وكان يصلِّي في مَرَابض الغَنَم (١)، وأَمَرَ بالصلاة فيها (٢).

(ومنيُّه) أي: مَنيُّ ما يؤُكَلُ لحمه طاهرٌ كبوله وأَوْلى.

(ومَنِيُّ آدميٍّ) طاهرٌ؛ لقولِ عائشة: كنتُ أفركُ المنيَّ من ثوبِ رسول الله ، ثمَّ يذهبُ فيصلِّي فيه. متفقٌ عليه (٣). وقال ابنُ عباس: "امسحْهُ عنك بإذْخِرَةٍ (٤)، أو

(وكان يُصَلِّي في مرابضِ الغنمِ وأمر بالصلاة فيها) وهي لا تخلُو من أبعارِها، وأبوالِها، فدلَّ على أنَّهم كانوا يباشرونَها في صلاتِهم، ولأنَّه (٥) لو كانت أبوالُها وأرواثُها نجسةً، لتنجَّسَت الحبوبُ التي تدوسُها البقرُ؛ فإنَّها لا تسلمُ من ذلكَ، فيتنجَّس بعضُها، فيختلط النجِسُ بالطاهرِ، فيصيرُ حكمُ الجميعِ حكمَ النجِس.

وكذا ما لا نفسَ له سائلة، إلَّا أنْ يكون متولِّدًا من نجاسةٍ؛ لأنَّه أمرَ بغمسِ الذبابِ في المائعِ المفضي إلى قتلِه (٦)، مع أنَّ بدنَه لا يَسْلَمُ من بولِه، ولأنَّه طاهرٌ حيًّا وميتًا، فدلَّ على طهارةِ رطوباتِه، وما يتولَّدُ منه، وأنَّه في معنى النبات، ولأنَّ دمَه طاهرٌ فرجيعُه أولَى، ألا تَرى إلى أنَّ دمَ غيرِه من الطاهرات نجسٌ إجماعًا، ورجيعُه مختلَفُ فيه. ح ف.

(لقولِ عائشةَ: كنتُ أفركُ … إلخ) لا يقال: إنَّ المنيَّ من الاحتلام، مع أنَّ الأنبياءَ لا يحتلمون؛ لأنَّه من الشيطان، إلا أنْ يقالَ من أثرِ الجماع، ولما رَوى ابنُ عباسٍ قال: سُئِل رسول الله عن المنيِّ يصيبُ الثوبَ، فقال: "إنَّما هو بمنزلة البُصَاقِ والمُخَاط، وإنَّما


(١) أخرجه البخاري (٢٣٤)، ومسلم (٥٢٤): (١٠) عن أنس . وهو عند أحمد (١٢٣٣٥).
(٢) أخرج الترمذي (٣٤٨)، وابن ماجه (٧٦٨)، وأحمد (٩٨٢٥) عن أبي هريرة قال: قال رسول الله : "صَلُّوا في مرابض الغنم، ولا تُصلوا في أعطان الإبل". واللفظ للترمذي، وقال: حديث حسن صحيح.
(٣) البخاري (٢٢٩)، ومسلم (٢٨٨)، وهو عند أحمد (٢٤٠٦٤)، لكن ورد عند البخاري بلفظ الغسل لا الفرك.
(٤) الإذخر -بكسر الهمزة والخاء-: نبات معروف ذكيُّ الريح، وإذا جفَّ أبيضَّ. "المصباح المنير" (ذخر).
(٥) في الأصل: "ولأنهم". والتصويب من "الإنصاف" ٢/ ٣٤٧.
(٦) سلف قريبًا.