للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولا ما لا نَفْسَ له سائلة بموتٍ.

وبولُ ما يُؤكلُ لحمُه، وروثُه،

(ولا) يَنْجُس (ما لا نَفْسَ) أي: دَمَ (له سائلة) بالنَّصب، والرفع؛ إتباعًا لمحلٍّ اسمِ "لا"، أو لـ "لا" مع اسْمِها (بموتٍ) لخبر أبي هريرةَ مرفوعًا: "إذا وَقَعَ الذُّبَابُ في شَرَاب أحدِكُم، فليَغمِسْه كلَّه، ثمَّ ليطْرَحْه؛ فإنَّ في أحدٍ جناحيه شفاءً، وفي الآخرِ داءً" رواه البخاريّ (١). والظاهرُ موتُه بالغَمْس، لاسيَّما إذا كانَ الطعامُ حارًّا، والذي لا نَفْس له سائلة، كالخُنفَساءِ، والعَنْكبوت، والذُّباب، والنَّحلِ، والزُّنْبُور، والنَّمل، والدودِ من طاهر، وكذا ميتةُ جرادٍ وسمكٍ وسائرٍ مالا يعيشُ إلَّا في الماء.

(وبولُ ما) أي: حيوانٍ (يُؤكلُ لَحمه) أي: يحل أكلُه، طاهرٌ (وروثُه) أي: روثُ ما يُؤكَلُ لحمُه طاهرٌ؛ لأنَّه أمَر العُرَنِيِّينَ (٢) أن يَلحقوا بإبلِ الصدقة فَيشْربوا مِنْ أبوالِها وأَلبْانِها (٣). والنَّجَسُ لا يُبَاحُ شُرْبه، ولو أبيح لِلضَّرورةِ، لأمرهُم بِغَسْلِ أَثرِه إذا

وأجزاؤُه وأبعاضُه، كجملتِه. قال في "الإقناع" و"شرحه": ولا ينجسُ الآدميُّ ولا طرفُه، ولا أجزاؤُه، كلحمِه، وعظمِه وعصبِه، ولا مشيمتِه -بوزنِ فعيلة- كيس الولد، ولو كافرًا بموته (٤). (ولا ينجُسُ ما لا نفسَ -أي: دمَ- له سائلة) أي: الذي لا دمَ له سائلةً طاهرٌ، إلَّا أنْ يكونَ متولِّدًا من نجاسةٍ، كدود الحشِّ، وصراصِرِه، فنجِسٌ حيًّا وميتًا.

قال في "المبدع": المرادُ بالنفسِ السائلة، الدمُ السائلُ؛ لأنَّ العربَ تسمِّي الدمَ نفسًا، ومنه قيل للمرأة: نفساء؛ لسيلانِ دمِها عند الولادةِ، وسمِّي الدمُ نفسا؛ لنفاستِه في البدن.

ويجوز في "سائلة" الرفعُ، والتنوينُ، والنصب، ولا يجرز بناؤه على الفتح من غير تنوين؛ لعدمِ إمكان تركيبِه مع موصوفه؛ لأنَّه مفصول بالجاز والمجرور. حفيد.


(١) برقم (٣٣٢٠)، وهو عند أحمد (٩١٦٨).
(٢) العرنيون: نسبة الى عُرينة، حيٌّ من قضاعة، وحيٌّ من بجيلة، والمراد هنا الثاني. "فتح الباري" ١/ ٣٣٧.
(٣) أخرجه البخاري (٢٣٣)، ومسلم (١٦٧١) عن أنس بن مالك ، وهو عند أحمد (١٢٠٤٢).
(٤) "الإقناع" ١/ ٩٦، و"كشاف القناع" ١/ ١٩٣.