للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وعن أثرِ استجمارٍ بمحلِّه.

ولا يَنْجُسُ آدميٌّ،

ويُضمُّ متفرِّقٌ بثوبٍ لا أكثر.

(و) يُعفَى أيضًا (عن أثرِ استْجمارٍ بمحلِّه) بعد الإِنقاء واستيفاءِ العَدَدِ، بلا خلاف. وعُلِم منه أنَّه لو تَعَدَّى محلَّه، إلى الثوب أو البدن، لم يُعْفَ عنه.

(ولَا يَنْجُسُ آدميٌّ) ولو كافرًا بموتٍ؛ لقوله تعالى: ﴿وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ﴾ [الإسراء: ٧٠] ولحديث: "إنَّ المؤمنَ لا يَنْجُس" (١). ولأنَّه لو نَجس، لم يَظْهُر بالغَسْل، وأجزاؤُه وأبعاضُه كَجُمْلَته.

(ويُضَمُّ مُتَفَرِّقٌ بثوبٍ) واحدٍ، بأنْ كان فيهِ بُقَعٌ من دمٍ، أو قيحٍ، أو صديدٍ، فإنْ صار بالضمِّ كثيرًا، لم تصحَّ الصلاةُ فيه، وإلا عفي عنه. مصنِّف (٢).

(لا أكثر) أي: ولا يضمُّ متفرِّقٌ في أكثر من ثوبٍ، بل يعتبرُ كلُّ ثوبٍ على حِدَتِه.

(ويُعْفَى … عن أثرِ استجمارِ) ما دامَ (بمحلِّه بعدَ الإنقاءِ، واستيفاءِ العدد) المعتبرِ فيه، بغير خلافِ نَعْلَمُه، واقتضَى ذلكَ نجاستَه؛ لأنَّ العفوَ يُشعِر بالنجاسة، وعليهِ أكثرُ الأصحابِ؛ لأنَّ الباقيَ من عينِ النجاسةِ نجسٌ، فعلى هذا عَرَقُهُ نجسٌ، فينجس الماء اليسير بقعوده فيه، واختار ابنُ حامدٍ طهارتَه، وفُهِمَ منه أنَّه إذا تعدَّى محلَّه بعَرَقٍ، أو نحوِه، فإنَّه لا يُعفَى عنه. دنوشري.

(ولا ينجس آدميُّ، ولو كافرًا بموتٍ لـ) عموم (قوله تعالى: ﴿وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ﴾ ومِنْ جُملةِ تكرمتِه الحكمُ بطهارتِه حيًّا وميتًا.

وأما قولُه تعالى: ﴿إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ﴾ [التوبة: ٢٨]، فالمرادُ نجاسةُ الاعتقادِ، وأنَّا نجتنِبُهم كالنجاسة، لا نجاسة الأبدان. ح ف.

(ولأنَّه لو نَجُسَ) بالموت (لم يطهرْ بالغَسْل) كسائر الحيوانات التي تنجسُ بالموتِ،


(١) أخرجه البخاري (٢٨٥)، ومسلم (٣٧١) وهو أيضًا عند أحمد (٧٢١١) من حديث أبي هريرة .
(٢) "شرح منتهى الإرادات" ١/ ٢١٦.