للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

أربعون يومًا، ولا حَدَّ لأقلِّه.

(أربعون يومًا) من ابتداءِ خروج بعضِ الولد. (ولا حدَّ لأقلِّه) أي: النِّفاس؛ لأنَّه لم يَرد تحديدُه، فرُجع فيه إلى الوجود. ويثبت حكمُ النِّفاس بوضع ما يتبيَّن فيه خَلقُ إنسان.

(أربعون يومًا) وعنه: ستون يومًا. والأوَّل المذهبُ. قال الترمذي: أجمعَ أهلُ العلمِ من أصحابِ النبي ومَن بعدهم على أن النُّفَساء تدع الصلاةَ أربعين يومًا، إلَّا [أن] ترى الطُّهرَ قبل ذلك، فتغتسلُ وتصلِّي (١)؛ لقول عليٍّ: لا يَحِلُّ للنُّفساء إذا رأت الطهرَ ألا تصلِّي (٢). ولأنَّه حكم بانقضاءِ نفاسِها، وذلك معلقٌ على مُطلَق الطُّهرِ، لكن قال (٣): إذا كان أقل من ساعة، ينبغي أن لا يُلتفتَ إليه، وإنْ كان أكثرَ من ذلك، فظاهرُه أنَّها تغتسلُ وتصلِّي. ولم يقل بالستِّين أحدٌ من الصّحابة، وإنَّما قالَه مَن بعدَهم. دنوشري. (ولا حدّ لأقلّه) فيثبُتُ حكمُه ولو بقطرة، كما أنَّه لا حدّ لأكثر الطُّهر؛ لأنَّها قد تلد الولدَ عاريًا، ولأنَّه لم يَرِد الشرعُ بتحديده. وحكى البخاري في "تاريخه": أن امرأةً وَلَدت بمكةَ، فلم تَرَ دمًا، فلقيَت عائشةَ، فقالت: أنتِ امرأةٌ طهركِ اللهُ (٤). فعلى هذا لو وَلدت ولم ترَ دمًا، فهي طاهرٌ لا نفاس لها. صرّح به في "المغني" (٥) وغيرِه؛ لأنَّ النّفاس هو الدمُ، ولم يوجَدْ. وغالبُه -كما قال المجدُ وابنُ تميم وابنُ حمدان وغيرُهم- ثلاثةُ أشهرٍ. مصنّف (٦). (ويثبتُ حكمُ النفاس بوضع ما) أي: شيءٍ (يتبيَّن فيه خلقُ إنسان) ولو كان الوضعُ بتعديها على نفسِها، كما سيأتي، نصَّ عليه. فلو وضعَت علَقَةً أو مُضغةً لا تخطيط فيها، لم يثبت لها بذلك حكمُ النِّفاس؛ لعدم تبينِ خلقِ الإنسانِ غالبًا في ثلاثةِ أشهر. قال بعضُ العلماءِ: إن المَنيَّ يمكثُ في الرحم مدّة


(١) "سنن" الترمذي، باب: ما جاء في كم تمكث النفساء، عقب حديث (١٣٩).
(٢) أخرجه البيهقي ١/ ٣٤٢.
(٣) أي: صاحب "الشرح الكبير" ٢/ ٤٧٤.
(٤) "تاريخ الكبير" ٤/ ١٩٤، ولكن فيه زيادة: فلما نفرت رأت. وكذلك أخرجه البيهقي ١/ ٣٤٣ عنه.
(٥) ١/ ٤٢٩.
(٦) "كشاف القناع" ١/ ٢١٩ وعبارته: أقل ما يتبين فيه خلق الإنسان أحد وثمانون يومًا، وغالبها على ما ذكره المجد … إلخ. فقوله: غالبها ثلاثة أشهر، عائد على ما يتبين فيه الخلق، لا على النِّفاس.