للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

للخَمْسِ على رجال مقيمينَ، فيُقاتَل أهلُ بلدٍ تَرَكُوهما.

"ما مِنْ ثلاثةٍ لا يؤذَّنُ ولا تقامُ فيهمُ الصلاةُ، إلا اسْتَحْوَذَ عليهمُ الشيطانُ" رواه أحمدُ والطبرانيُّ (١).

ولا يُشْرعان لكلِّ مَنْ في المسجد، بل تكفيهمُ المتابعةُ، وتحصلُ لهم الفضيلةُ (لـ) ــــلصلوات (الخمس) المؤدَّاةِ، والجمعةُ منها (على رجالٍ) أحرار (مقيمين) بقرًى وأمصار، لا على رجلٍ واحد، ولا على نساءٍ، وعبيدٍ، ومسافرينَ، بل يُكرهان لنساءٍ وخَنَاثى، ولو بلا رفعِ صوت. لكن يُسنَّان لمنفرد ذَكَرٍ، وسفرًا، ولمقضيَّة.

(فيقاتَل) بالبناء للمفعول، ونائبُ الفاعل قولُه: (أهلُ بلدٍ تركوهما) أي: الأذانَ والإقامةَ. أي: يقاتلهم الإمامُ، أو نائبُه إذا اتفقوا على تركهما؛ لأنَّهما من شعائر الإسلام الظاهرة. وإذا قام بهما من يحصلُ به الإعلام، أجزأَ عن الكلِّ، وإن واحدًا، وإلا، زِيد بقْدرِ الحاجةِ، كلُّ واحد في جانبٍ، أو دفعةً واحدة بمكان واحد، ويقيم أحدُهم، وإن تشاحُّوا (٢)، أُقرع. وتصحُّ صلاةٌ بدونهما، لكن يُكْرَه.

(للصلوات الخمس) أي: دونَ المندوبةِ، وفرضِ الكفايةِ. وقوله: (المؤدَّاة) أي: دونَ المقضيَّاتِ، والمنذورةِ.

(والجمعةُ منها) أي: لا يُحتَاجُ لذكرِها؛ لدخولِها في الخمسِ، اللهمَّ إلَّا أنْ يُقالَ: الجمعةُ لها أحكامٌ مستقلَّةٌ، فنصَّ عليها استقلالًا، تبعًا "للفروع" (٣)، وإنَّما لم يُشْرَعَا في غير ما ذُكِر؛ لأنَّ المقصودَ منها الإعلامُ بوقتِ الصلاةِ المفروضةِ، والقيامُ إليها، وهذا لا يوجدُ في غيرِها، وإنَّما كانَ كلٌّ منهما فرضَ كفايةٍ؛ لأنَّهما من شعائر الإسلام الظاهرة.


(١) "مسند" أحمد (٢١٧١٠)، وهو عند أبي داود (٥٤٧)، والنسائي في "المجتبى" ٢/ ١٠٦ - ١٠٧ عن أبي الدرداء بنحوه. وصحَّح إسناده النووي في "الخلاصة" ١/ ٢٧٧. وأخرجه الطبراني في "مسند الشاميين" (١٣٢٩) عن ابن عمر ، وفي بعض رجال الإسناد كلام.
(٢) الشحُّ: البخل مع الحرص، وتشاحَّ الرجلان على الأمر: لا يريدان أن يفوتهما. "الصحاح" (شحح).
(٣) ٢/ ٥، حيث قال: وهما -أي: الأذان والإقامة- فرض كفايةٍ للصلوات الخمس والجمعة.