للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

على عُلْوٍ،

وأن يكونَ قائمًا (على عُلْوٍ) أي: مكان مرتفع، كالمنارة؛ لأنَّه أبلغُ في الإعلام، حالَ

قال المجد في "شرحه": معناهُ استحبابُ تقطيعِ الكلماتِ على كلِّ جملةٍ.

(وأنْ يكونَ قائمًا … إلخ) أي: ويُسنُّ أنْ يكونَ المؤذِّنُ قائمًا في الأذانِ والإقامةِ، أمَّا في الأذانِ؛ فلما رَوى أبو قتادةَ أن النبيَّ قال لبلال: "قُمْ فأذِّنْ" (١). وكان مؤذِّنو رسولِ الله يؤذِّنونَ قيامًا. وأمَّا في الإقامةِ؛ فلأنَّ المؤذِّنَ يدعو الناسَ إلى القيامِ إلى الصلاة، والداعي إلى الشيءِ أَوْلَى في المبادرة إلى ما يدعو إليه غيرَه، قال الله تعالى: ﴿أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ﴾ [البقرة: ٤٤]، وقال بعضُ العلماء:

وإنَّكَ إذ ما تأتِ ما أنت آمرٌ … به تُلْفِ من إيَّاهُ تأمرُ آتيا (٢)

ولأنَّها أحدُ الأذانين، فَشُرِع لها القيامُ كالآخر، فيكرهان -الأذانُ والإقامةُ- قاعدًا، لغير مسافرٍ ومعذورٍ، فلا يكرهُ أذانُ كلِّ منهما قاعدًا؛ لتعذُّرِ القيام منهما مع السفرِ والعذر، وكذا يُكْرَهُ الأذانُ والإقامةُ راكبًا وماشيًا، لغير مسافرٍ.

قال في "الرعاية": يُباحان للمُسافرِ حال مشيه وركوبِه في رواية. وظاهرُه أنَّه إذا أذَّنَ قاعدًا لغير عذر، أنَّه يصحُّ أذانُه مع الكراهة.

قال في "المبدع" (٣): ولم يذكروا الاضطجاع، ويتوجَّهُ الجوازُ، لكنْ يُكرَه؛ لمخالفةِ السنَّة. دنوشري.

(على علوٍ) أي: على موضعٍ عالٍ، أي: مرتفعٍ، كالمنارةِ ونحوها؛ لأنَّه رُويَ عن امرأةٍ من بني النجار، قالت: كان بيتي من أطولِ بيتٍ حولَ المسجد، وكان بلالٌ يؤذِّن عليه [الفجرَ، فيأتي] بسَحَرٍ، فيجلس (٤) على البيت فينظر إلى الفجرِ، فإذا رآه تمطَّى، ثمَّ قال:


(١) أخرجه البخارى في "صحيحه" (٥٩٥) مطولًا.
(٢) أورده ابن عقيل في "شرحه على ألفية ابن مالك" ١/ ٣٦٧، ولم ينسبه.
(٣) ١/ ٣٢٠.
(٤) وقعت العبارة في الأصل كالتالي: "يؤذن عليه بسحرٍ، فيأتي، فيجلس … "، والتصويب وما بين حاصرتين من "سنن" أبي داود.