للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ويُسنُّ تعجيلُها إلا ليلةَ مزدلفةَ لمن قصدَها مُحْرِمًا.

(ويُسنُّ تعجيلها) أي: المغربِ (إلا ليلةَ مزدلفة) وهي ليلةُ يومِ النَّحر، فيُسَنُّ تأخيرُها (لمن قَصَدَها) أي: مزدلفةَ، حالَ كونِه (مُحْرِمًا) يباحُ له الجمعُ إن لم يوافِ

الشفقِ وقتٌ لاستدامِتها، ولا يُعتَبَر مغيبُ الشفقِ الأبيضِ. وقال الموفقُ (١): يعتبر غيبوبةُ الشفقِ الأبيضِ لا لذاته، بل لعارضٍ، وهو دلالتُه على غيبوبةِ الأحمر. دنوشري وزيادة.

(ويُسَن تعجيلُها) أي: تعجيلُ المغرِب أفضلُ إلَّا لعذرٍ، إجماعًا؛ لأنَّ جبريلَ صلَّاها بالنبيِّ في اليومين حينَ غابتِ الشمسُ (٢)، فدل ذلكَ على أفضليَّةِ تعجيلها، ولما فيه من الخروجِ من الخلاف.

قال الإمامُ مالك رحمه الله تعالى: لها وقتٌ واحدٌ مضيَّقٌ مقدَّرٌ آخرُه بالفراغِ منها (٣).

قال في "المبدع" (٤): وقالت الشافية: هو عقيبَ غروبِ الشمسِ، بقدرِ ما يتطهَّر ويسترُ عورتَه، ويؤذِّنُ ويقيمُ، ويصلِّي خمسَ ركعاتٍ، الفرض والسُّنَّة (٥). قال بعضُهم: وأكل لقمٍ يكسرُ بها الجوع. والصحيحُ عندهم أنَّه يأكلُ حتَّى يشبع. دنوشري.

(إلا ليلةَ مزدلفة) وهي ليلةُ جَمْعٍ، أي: فيستحبُّ تأخيرُها؛ ليصليها مع العشاءِ إجماعًا (٦)؛ لفعله (٧). قال في "المبدع" (٨): وسميت جَمْعًا؛ لاجتماعِ الناسِ فيها، وهي ليلةُ عيدِ الأضحى. فيسنُّ تأخيرها.

(لمن قصدها مُحرِمًا) أي: قصدَ مزدلفةَ المفهومةَ من المقام.


(١) في "المغني" ٢/ ٢٧.
(٢) سلف ص ٥٩.
(٣) ينظر "المدونة" ١/ ٥٦، و"القوانين الفقية" ص ٤٨.
(٤) ١/ ٣٤٣.
(٥) ما ذكره صاحب الحاشية نقلًا عن "المبدع" من كلام الشافعية، هو القول الجديد، وقول الشافعي في القديم: أن المغرب يبقى حتى يغيب الشفق الأحمر. قال النووي في "المنهاج" -مع "مغني المحتاج"- ١/ ١٢٣ - ١٢٢: القديم أظهر، والله أعلم.
(٦) "الإجماع" لابن المنذر ص ٥١.
(٧) أخرجه الإمام مسلم في "صحيحه" (١٢١٨) في الحديث الطويل، الذي فيه حجة النبي .
(٨) ١/ ٣٤٤.