للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وله فعلُها ببيتِه، وأفضلُها المسجدُ العتيقُ، ثمَّ الأكثرُ، وأبعدُ أولى مِنْ أقرب.

وحَرُمَ أنْ يُؤم بمسجدٍ قَبْلَ إمامِه الراتِبِ،

وتسن بمسجد؛ للأخبار (١).

(وله فعلُها) أي: الجماعةِ (ببيتِه) لحديث:"جُعِلَت ليَ الأرضُ مسجدًا وطَهُورًا" (٢).

ويسَنُّ لأهلِ ثَغْرٍ (٣) اجتماع بمسجدٍ واحدٍ (و) الأفضلُ لغيرِهم المسجدُ الذي لا تُقامُ فيه إلا بحضوره. ثم (أفضلُها) أي: الجماعةِ، أي: أفضلُ أماكنها (المسجدُ العتيقُ) لأنَّ الطاعةَ فيه أسبقُ. (ثم الأكثرُ) جماعةً؛ لأنه أعظمُ أجرًا (وأبعدُ) مَسجِدَين قديمَين، أو جَدِيدَين، سواءٌ اختلفا في كثرةِ الجَمعِ وقلتِه، أو استويا (أَولى مِن أقربَ) لحديثِ أبي موسى مرفوعًا: "أعظمُ النَّاسِ أجرا في الصلاةِ أبعدُهم فأبعدُهم ممشى" رواه البخاريُّ (٤).

(وَحَرُمَ أنْ يُؤمَّ) -بالبناءِ للمفعول- بمسجدٍ له إمامٌ راتب (قَبلَ) فراغِ (إمامِه الرَّاتبِ) من الصلاة؛ لأنَّه بمنزلةِ صاحبِ البيتِ، وهو أحق بالإمامة مِمن سِواه؛ لحديثِ: "لا يُؤمنَ الرجلُ في بيته إلا بإذنِهِ" (٥) ولا يحرمُ أن يَؤُمَّ بعدَ الراتب.

قال في "الإقناع" (٦): ويتَّجه، إلا لمن يعادي الإمامَ، وحيثُ أمَّ قبلَ الراتب، لم


(١) أخرج البخاري (٧٣١)، ومسلم (٧٨١)، وأحمد (٢١٥٨٢) عن زيد بن ثابت أن رسول الله قال: "أفضل الصلاة صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة". لفظ البخاري.
(٢) جزء من حديث أخرجه البخارى (٣٣٥)، ومسلم (٥٢١) من حدبث جابر بن عبد الله ، وأخرجه مسلم (٥٢٣) من حديث أبي هريرة .
(٣) جاء في هامش (س) ما نصه: "الثغر: هو المكان المخُوف، الذى يلي الكفار. انتهى تقرير".
(٤) في "صحيحه" (٦٥١)، وهو عند مسلم (٦٦٢).
(٥) أخرجه بهذا اللفظ أحمد (١٧٠٩٩) عن أبي مسعود الأنصارى ، وهو عند أبي داود بلفظ: "ولا يُؤم الرجل في بيته ولا في سلطانه، ولا يجلس على تكرمته إلا بإذنه". وعند مسلم (٦٧٣) بلفظ: "ولا يؤمن الرجلُ الرجلَ في سلطانه، ولا يقعد في بيته على تكرمته إلا بإذنه".
(٦) ١/ ٢٤٦.