للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأمرهم بالتوبةِ، وتركِ التَّشاحُن، والصِّيامِ، والصَّدقةِ.

ويخرجُ متواضعًا متخشِّعًا، متذلِّلًا، ومعه أهلُ الدِّين، والصلاحِ، والشيوخُ، والمميِّزون، فيصلِّي بهم ركعتَيْن كالعيد، ثُمَّ يخطبُ واحدةً،

ليتهيُّؤوا للخروج على الصِّفَةِ المسنونةِ.

(وأَمرهم بالتَّوبةِ) من المعاصي، والخروجِ من المظالم (و) أمَرَهم بـ (تَرْكِ التَّشاحُنِ) من الشَّحناءِ، وهي: العداوة؛ لأنَّها تَحملُ على المعصبةِ والبُهتِ، وتمنعُ نزولَ الخيرِ؛ لقوله : "خرجتُ أخبرُكم بليلةِ القَدْرِ، فتلاحَى فلانٌ وفلانٌ، فرُفِعت" (١).

(و) أمرَهم بـ (الصِّيام) لأنَّه وسيلةٌ إلى نزولِ الغَيْثِ، ولحديثِ: "دعوةُ الصَّائم لا تُرَدُّ" (٢). (و) أمرهم بـ (الصدَّقة) لأنَها متضمِّنةٌ للرَّحمة. ويتنظَّفُ لها، ولا يتطيَّب.

(ويخرجُ) الإمامُ كغيرِه حالةَ كونِه (متواضعًا، متخشِّعًا) أي: خاضعًا (متذلِّلًا) من الذُّل، أي: الهوان. قال ابنُ نصرِ الله: "متواضعًا" ببدنِه، "متخشِّعًا" بقلبِه وعينهِ، "متذلِّلًا" في ثيابِه، ويكون أيضًا متضرِّعًا بلسانه.

(ومعه) أي: الإمامِ (أهلُ الدِّين والصَّلاحِ، والشيوخُ) لسرعةِ إجابةِ دعوتِهم (و) الصِّبيانُ (المميِّزون) لأنَّه لا ذنوبَ لهم. وأُبيحَ خروجُ طِفْلِ وعَجُوزٍ وبهيمةٍ، والتَّوسُّلُ بالصَّالحين (٣)، ولا تُمنَع أهلُ الذِّمة منفردين عنَّا، لا بيومٍ (٤)، وكُرِهَ إخراجُنا لهم.

(فيصلِّي بهم ركعتَيْن، كـ) صلاةِ (العيدِ) لما تقدَّم (ثمَّ يخطبُ) خطبةً (واحدةً) لأنَّه


(١) أخرجه البخاري (٢٠٢٣) من حديث عبادة بن الصامت، وهو عند أحمد (٢٢٦٧٢). والملاحاةُ: المقاولة والمخاصمة. "النهاية" (لحا).
(٢) أخرجه الترمذي (٣٥٩٨)، وابن ماجه (١٧٥٢)، وهو عند أحمد (٨٠٤٣) من حديث أبي هريرة ، وبلفظ: "ثلاثة لا ترد دعوتهم … والصائم حتى يفطر … ". وفي إسناده: أبو مُدِلَّة مولى أمِّ المؤمنين عائشة . قال الترمذي: هذا حديث حسن. وقال الحافظ ابن حجر في "تقريب التهذيب" ترجمة رقم (٨٣٤٩): يقال: اسمه عبد الله، مقبول، من الثالثة.
(٣) بتقديمهم يدَعُون، ويؤمِّن الناسُ على دعائهم. "منار السبيل" ١/ ١٥٩.
(٤) أي: لا يمكَّنون منه إن أرادوا أن ينفردوا بيوم؛ لئلَّا يتَّفقَ نزولُ غيثٍ فيه، فتعظم فتنتهم، وربَّما افتتن بهم غيرُهم. "شرح منتهى الإرادات" ٢/ ٥٩.