للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وحملُه، ودفنُه فرضُ كفاية.

وأَولى النَّاسِ بغسله: وصيُّه، ثُمَّ أبوه، ثُمَّ جدُّه، ثُمَّ الأقربُ فالأقربُ، وبأنثى: وصيَّتُها، ثُمَّ أمُّها، ثُمَّ جدَّتُها، ثُمَّ القُربى فالقُربى.

(وحملُه ودفْنُه فرضُ كفاية) لقوله تعالى: ﴿ثُمَّ أَمَاتَهُ فَأَقْبَرَهُ﴾ [عبس: ٢١] قال ابنُ عباس: معناه: أَكْرَمَه بدَفْنِه (١). ولا شك أن دفنَه متوقِّفٌ على حملِه إلى محلِّ الدَّفنِ، واتِّباعُه سُنَّة. وكَرِهَ الإمامُ أحمد لغاسلٍ وحفَّارٍ أخْذَ أجرةٍ على عَمَلهِ، إلَّا أنْ يكونَ محتاجًا، فيُغطَى مِنْ بَيْتِ المال، فإنْ تَعذَّر، أُعْطِيَ بقدرِ عملهِ. قاله في "المبدع" (٢).

والأفضلُ أنْ يُختارَ لتغسيلهِ ثقةٌ، عارفٌ بأحكامِه (وأَوْلى النَّاسِ بغَسْلِه) أي: بتَغْسِيله (وَصِيُّه) العَدْلُ؛ لأن أبا بكرٍ أوصى أن تُغَسِّلَه امرأتُه أسماء (٣). وأوصى أنسٌ أن يغسِّلَه محمدُ بن سيرين (٤) (ثمَّ أبوه) لاختصاصه، بالحنوِّ والشَّفقةِ (ثمَّ جَدُّه) لأبيه وإنْ علا؛ لمشاركتِه الأبَ في المعنى (ثمَّ الأقربُ فالأقربُ) مِنْ عصَبَاتِه، فيقدَّم الابنُ، ثُمَّ ابنُه وإنْ نَزَلَ، ثُمَّ الأخُ لأبوبن، ثُمَّ الأخُ لأبٍ، على ترتيبِ الميراثِ بعدَ الأبِ والجدِّ، ثم بعدَ عصَبَاته ذَوو أرحامِه، ثُمَّ الأجانبُ.

(و) الأوْلى (بـ) ـغسلِ (أُنثى وصيَّتُها) العَدْلُ (ثمَّ أُمُّها، ثمَّ جَدَّتُها) أمُّ أمِّها وإنْ عَلت (ثمَّ القُربى فالقُربى) من نِسائها، فتُقدَّم بنتها وإنْ نزلتْ، ثمَّ القُربى -كميراثٍ-


(١) لم نقف عليه، وأورده هكذا البهوتي في "الروض المربع" ١/ ٣٢٧.
(٢) ٢/ ٢٢٠.
(٣) هي أسماء بنت عميس، كانت أخت ميمونة بنت الحارث زوج النبي لأمها، وكانت من المهاجرات إلى الحبشة مع زوجها جعفر بن أبي طالب، ثم تزوجها أبو بكر بعد قتل جعفر، ثم تزوجها علي أجمعين. "الإصابة" ١٢/ ١١٦ - ١١٧. والأثر أخرجه عبد الرزاق (٦١١٧)، وابن سعد في "الطبقات" ٣/ ٢٠٣، وابن أبي شيبة ٣/ ٢٤٩، والبيهقي ٣/ ٣٩٧. قال البيهقي: وهذا الحديث الموصول وإن كان راويه محمد بن عمر الواقدي صاحب "التاريخ والمغازي" فليس بالقوي، وله شواهد مراسيل عن ابن أبي مليكة، وعن عطاء بن أبي رباح، عن سعد بن إبراهيم أن أسماء بنت عميس غسلت زوجها أبا بكر ، وذكر بعضهم أن أبا بكر أوصى بذلك.
(٤) هو أبو بكر محمد بن سيرين الأنصاري، الأنسي البصري، مولى أنس بن مالك خادم رسول الله . (ت ١١٠ هـ). "السير" ٤/ ٦٠٦ - ٦٢٢. والأثر أخرجه ابن سعد في "الطبقات" ٧/ ١٩، ٢٥، وأبو نعيم في "الحلية" ٢/ ٢٦٧.