للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ويحرمُ صيدُ حَرَمِ المدينةِ، وهو: ما بين لابَتَيْها، ولا جزاءَ فيه.

وتُضمنُ شجرةٌ صغيرةٌ عُرفًا بشاةٍ، وما فوقها ببقرة. رُويَ عن ابنِ عباس (١). ويُفعلُ فيهما كجزاءِ صيدٍ، ويُضمنُ حشيشٌ وورَقٌ بقيمتهِ، وغُصنٌ بما نَقَصَ، فإن استخلفَ شيءٌ منها، سقطَ ضمانُه، كردِّ شجرةٍ فنبتتْ، لكنْ يُضمَنُ نقصُها.

(ويُحرُمُ صيدُ حَرَمِ المدينةِ) لحديثِ عليٍّ: "المدينةُ حرامٌ، ما بينَ عَيْرٍ إلى ثورٍ" (٢)، "لا يُختلى خَلاها -أي: لا يُحشُّ حشيشُها لغير العلف- ولا ينفَّرُ صيدُها، ولا يصلحُ أنْ تقطعَ منها شجرةٌ، إلَّا أنْ يَعلِفَ رجلٌ بعيرَه" رواه أبو داود (٣). (وهو) أي: حَرَمُ المدينةِ؛ بريدٌ في بريدٍ (٤)، وهو ما بين عَيْرٍ إلى ثَوْرٍ، كما تقدَّم، وذلك (ما بين لابَتَيها) تثنيةُ لابةٍ، وهي: الحَرَّةُ، أي: أرضٌ تركبُها حجارةٌ سودٌ (٥) (ولا جزاءَ فيه) أي: فيما حَرُمَ من صيدِها، وشجرِها، وحشيشها. قال الإِمامُ أحمد في روايةِ بكر ابن محمد (٦): لم يبلغْنا أن النبيَّ ، ولا أَحدًا من الصحابةِ (٧)، حكموا فيه بجزاء.


(١) لم نقف عليه مسندًا. وقال الحافظ في "التلخيص الحبير" ٢/ ٢٨٧: نقله عنه -أي: عن ابن عباس- إمام الحرمين، وذكره أيضًا أبو الفتح القشيري "في الإلمام" ولم يعزه. ا هـ. ولم نقف عليه في مطبوعه.
(٢) أخرجه البخاري (٦٧٥٥)، ومسلم (١٣٧٠) بلفظ: "المدينة حرم ما بين عير وثور"، وهو عند أبي داود (٢٠٣٤)، وأحمد (١٠٣٧) بلفظ: "المدينة حرام ما بين عائر الى ثور" وعَيْر وثور: جبلان بالمدينة، وقيل: ثور بمكة، وقيل: بمكة جبل يقال له عَيْر أيضًا. "النهاية" (عير).
(٣) في "سننه" (٢٠٣٥)، وهو عند أحمد (٩٥٩) من طريق أبي حسان، عن علي . وقوله: "لا يختلى خلاها"، و "لا ينفر صيدها" سلف آنفًا، لكن بفضل مكَّة. قال الطحاوي في شرح مشكل الآثار" ٨/ ١٧٩: فاعتبرناه فوجدناه منقطع الإسناد، وذلك أن أبا حسان لم يَلْقَ عليًّا . وينظر تتمة الكلام ثمَّة. والخلا: -مقصور- النبات الرَّطب الرَّقيق ما دام رطبًا، واختلاؤه: قطعه. وأخلت الأرض: كثر خلاها، فإذا يبس فهو حشيش. "النهاية" (خلا).
(٤) البريد أربعة فراسخ، والفرسخ ثلاثة أميال، والميل قُدِّر بـ (١٩٢٠) أو (١٦٨٠) أو (١٤٤٠) مترًا. "النهاية في غريب الحديث" (برد) و"معجم متن اللغة" ١/ ٨٨.
(٥) "تهذيب اللغة" ١٥/ ٣٨٣.
(٦) هو: أبو أحمد بكر بن محمد، النسائي الأصل، البغدادي المنشأ، كان أبو عبد الله يقدِّمه ويكرمه، وعنده مسائل كثيرة سمعها من أبي عبد الله. "طبقات الحنابلة" ١/ ١١٩.
(٧) في (م): "أصحابه".