للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والأُضحيَّةَ سُنَّةٌ، وذبحُها أفضلُ من صدقةٍ بثمنِها، ويأكلُ منها، ويهدي، ويتصدَّقُ أثلاثًا، ويُجزئُ الصدقةُ بنحوِ أُوقيَّةِ منها، فإنْ لم يفعلْ، ضَمِنَه.

"لا تبيعوا لحومَ الأَضاحي والهَدْيِ، وتصدَّقوا، واستمتعُوا بجلودها" (١) وكذا حُكمُ جُلِّها (٢). وإن تعيَّبت، ذبحها وأجزأتْهُ، إِلَّا أنْ تكونَ واجبةً في ذمَّته قبلَ التَّعيينِ.

(والأُضحيَّةُ سُنَّةٌ) مؤكَّدةٌ على المسلم، وتجبُ بنذرٍ (وذبحُها أفضلُ من صدقةٍ بثمنها) كهديٍ وعقيقةٍ؛ لحديثِ: "ما عملَ ابنُ آدمَ يومَ النَّحرِ عملًا أَحبَّ إلى اللهِ من إراقةِ دَمٍ" (٣).

(ويأكلُ منها) أي: من الأُضحيةِ (ويهدِي، ويتصدَّقُ أثلاثًا) نَدْبًا، فيأكلُ هو وأهلُ بيتِه الثُّلثَ، ويهدي الثُّلُثَ، ويتصدَّقُ بالثُّلثِ، حتَّى من (٤) واجبةٍ بنَذْرٍ أو تعيينٍ. وهديُ تطوعٍ ومتعةٍ وقرانٍ كأُضحيةٍ. ولا يأكلُ من هَديٍ واجبٍ غيرَ ما تقدَّمَ ولا يهدي. ولا هديَّةَ ولا صدقةَ مما ذُبحَ ليتيمٍ أو مُكاتبٍ.

(ويجزئُ الصَّدقةُ بنحوِ) أي: بقدرِ (أُوقيَّةٍ منها) أي: من الأُضحيةِ؛ لأنَّ الأمرَ بالأكل والإطعامِ مُطلَقٌ (فإن لم يفعلْ) أي: لم يتصدَّقْ منها بنحوِ أُوقيَّةِ، بأنْ أكلَها كلَّها (ضمنَه) أي: نحوَ الأُوقيَّةِ بمثلهِ لحمًا؛ لأنَّه حقٌّ يجبُ عليه أَداؤُه مع بقائِه، فلزمَه


(١) أخرجه بهذا اللفظ أحمد (١٦٢١٠)، (١٦٢١١) من حديث قتادة بن النعمان وأبي سعيد الخدري . قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" ٤/ ٢٦ عن الرواية الأولى: رواه أحمد وهو مرسل صحيح. اهـ. وقال عن الرواية الثاينة: رواه أحمد، وفي إسناد جابر راوٍ لم يُسَمَّ، وابن جريج غالب روايته عن التابعين. اهـ.
(٢) جاء في هامش (س) ما نصه: "الجُلُّ: هو ما تغطى به لأجل نحو البرد. انتهى تقرير المؤلف".
(٣) أخرجه الترمذي (١٤٩٣)، وابن ماجه (٣١٢٦) من طريق عبد الله بن نافع، عن أبي المثنى سليمان بن يزيد، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة مرفوعًا. قال الترمذي: هذا حديث حسن غريب. اهـ. وقال ابن الجوزي في "العلل المتناهية" ٢/ ٥٧٠: هذا حديث لا يصح؛ قال يحيى: عبد الله بن نافع ليس بشيء. وقال النسائي: متروك. وقال البخاري: منكر الحديث. وقال ابن حبان: لا يحتج بأخباره. وقال الحاكم في "المستدرك" ٤/ ٢٢٢: صحيح الإسناد ولم يخرجاه. وتعقبه الذهبي فقال: سليمان واهٍ، وبعضهم تركه.
(٤) ليست في (م).