للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ويخيَّر إمامٌ في أرضٍ بين قَسْم ووَقْف مع ضرْبِ خَراجٍ يُؤْخَذُ كلَّ عامٍ ممَّنْ هي بيدِهِ باجتهادِهِ، ويجري فيها الميراثُ.

(ويُخيَّرُ إمامٌ في أرض) فَتَحُوها بالسَّيفِ (ببن قَسْمِـ) ها بين الغانمينَ (ووَقْفِـ) ها على المسلمينَ بلفظٍ من ألفاظِ الوقفِ (مع ضرْب خَراجٍ) عليها، إذا وقَفَها (يُؤْخَدُ كُلَّ عامٍ ممَّنْ هي) أي: الأرضُ (بيدِه) مِنْ مسلمٍ وذِمِّيِّ، يكونُ أُجْرةً لها، كما فَعَلَ عمرُ فيما فتحَ من أرضِ الشَّامِ والعراقِ ومصرَ (١)، وكذا أرضٍ جَلَوْا عنها خوفًا مِنَّا، أو صالحناهُمْ على أنَّها لنا، ونُقِرُّها معهم بالخراجِ، بخلاف ما صُولِحُوا على أنَّها لهم ولنا الخراجُ عنْها، فكجِزيةٍ يسقطُ بإسلامِهِمْ.

وتقديرُ الخراجِ (باجتهادِهِ) أي: الإمامِ (ويجري فيها) أي: في الأرضِ الخراجيَّةِ (الميراثُ) فَتَنتقِلُ إلى وارثِ مَن كانت بيدِه على الوجه الذي كانت عليهِ، وإنْ آثرَ بها أحدًا، قامَ مَقامه، كمستأجرةٍ، ولا خراجَ على مَزارع مكَّةَ والحرَمِ.


(١) أخرج أبو عبيد في "الأموال" (١٤٧)، والبيهقي ٩/ ١٣٩، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" ٢/ ١٩٧ عن الماجشون أنه أصاب الناس فتح بالشام … فقال له بلال: اقسمها بيننا وخذ خمسها، فقال عمر: لا، هذا عين المال، ولكني أحبسه فيما يجري عليهم وعلى المسلمين. قال البيهقي: والحديث مرسل. وأخرج أبو عبيد أيضًا في "الأموال" (١٥٢)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" ٢/ ١٩٤ عن عبد الله بن أبي قيس، أو عبد الله بن قيس الهمداني -شك أبو عبيد- قال: قدم عمر الجابية، فأراد قسم الأرض بين المسلمين، فقال له معاذ: والله إذن ليكونن ما تكره … فانظر أمرًا يسعُ أوَّلهم وآخرهم.
وأخرج يحيى بن آدم في "الخراج" (٤٩)، وأبو عبيد في "الأموال" (١٥٠)، والبيهقي ٩/ ١٣٤ عن يزيد ابن أبي حبيب قال: كتب عمر إلى سعد حين افتتح العراق: أما بعد، فقد بلغني كتابك تذكر أن الناس سألوك أن تقسم بينهم مغانمهم وما أفاء الله عليهم، فإذا أتاك كتابي هذا فانظر ما أجلب الناس به إلى العسكر من كُراع أو مال فاقسمه بين من حضر من المسلمين، واترك الأرضين والأنهار لعمالها … الخبر.
وأخرج أبو عبيد في "الأموال" (١٤٩)، والبيهقي ٦/ ٣١٨ عن سفيان بن وهب الخولاني قال: لما افتتحت مصر بغير عهد، قام الزبير ففال: يا عمرو بن العاص اقسمها. فقال عمرو: لا أقسمها. فقال الزبير: لتقسمنها كما قسم رسول الله خيبر. فقال عمرو: لا أقسمها حتى أكتب إلى أمير المؤمنين، فكتب إلى عمر، فكتب إليه عمر: أن دعها حتى يغزو منها حبل الحبلة.