للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكذلك، مجيئه، ونزوله. فنصفه بالكمال، وننزهه عن مشابهة المخلوقات بها، فلماذا لا تقول فيما أنكرت من النصوص كما قلت فيما اعترفت به منها؟ والكل من وادٍ واحد، ومن مشكاةٍ واحدة، نصوص قرآنية وأحاديث نبوية، كلها نور وايمان، والتنزيه في الجميع حتم لا بد منه، والاقرار في الجميع واحد، ونفي مشابهة صفات المخلوقات بصفات الخالق إيمان واجب على كل مؤمن. وإذا طولب المفرقون بفرقان بَيّن، وسئلوا عن الفرق بين ما قبلوا وما رفضوا. لم يكن عندهم إلا تقليد الجعد والجهم وبشر المريسي الذي توجع الكوثري من نشر: "نقض" الدارمي (١) له، وانتفخت أوداجه لطبعه، وطبع "السنة" للإمام أحمد، ولم يخف غيظه من أئمة الإسلام: البيهقي (٢) وإمام الأئمة ابن خزيمة، والخلال، وأبي الشيخ، وأمثالهم من أئمة الهدى، والحديث والسنة، تحت ستار الدفاع عن أبي حنيفة الذي أغناه الله عن دفاع محب جاهل.

وأخيراً- وليس بآخر- نقول للكوثري: إنا آمنا بهذه النصوص على ظاهرها مع


(١) هو الإمام الحافظ الحجة الثقة الفقيه، عثمان بن سعيد الدارمي الشافعي مؤلف كتاب "الرد على الجهمية" وغيره من الكتب. وكان واسع الرحلة، سمع بدمشق من ابراهيم بن العلاء وهشام بن عمار وسمع في غيرها من الإمام أحمد بن حنبل ويحي بن معين واسحق بن راهويه وعلي بن المدني وغيرهم. وأخذ الفقه عن أبي يعقوب البويطي وهو الذي قام على (محمد بن كرّام) الذي تنسب إليه الكرّمية إحدى فرق المجسّمة وطرده من "هراة" توفي رحمه الله سنة ٢٨٠ هـ.
وكتابه "الرد على الجهمية" من مطبوعات المكتب الإسلامي في دمشق.
(٢) البيهقي: (٣٨٤ - ٤٥٨) هو أحمد بن الحسن بن علي الشافعي "أبو بكر"، من أئمة الحديث، رحل إلى بغداد ثم إلى الكوفة ومكة وغيرها ثم استقر في (نيسابور) ، كثير التصانيف في نصرة مذهبه وتأييده.
وقال عنه الذهبي:
لو شاء البيهقي أن يعمل لنفسه مذهباً يجتهد فيه لكان قادراً على لسعة علومه ومعرفته.
ومن أعظم مؤلفاته "السُنَنُ الكبرى" و "مناقب الشافعي " وقد أورد فيه كثيراً من النقول التي انتقد فيها الإمام الشافعي الإمام أبا حنيفة، فكانت هذه كافية لأن يسلقه الكوثري بلسانه الحاد وأن يجعلها سبباً في افترائه عليه.

<<  <  ج: ص:  >  >>