مخالفاً للأمام أحمد وغيره من الأئمة فيوجد في كلام كثير من المنتسبين إلى أحمد كأبي الوفاء بن عقيل وأبي الفرج بن الجوزي وصدقة بن الحسين وأمثالهم ما هو أبعد عن قول أحمد والأئمة من قول الأشعري وأئمة أصحابه» .
وإذ قد بان أن عقيدة الخطيب كانت مباينة لعقائد المبتدعة فلننظر في انتقاله عن مذهب أحمد في الفروع الظاهر أن معنى أنه كان على مذهب أحمد أن والده وأهله كانوا على مذهب أحمد وأنه هو انتقل إلى مذهب الشافعي في صغره زمان طلبه العلم، فما الباعث له على الانتقال؟ يقول ابن الجوزي: إن ذلك لميل الحنابلة عليه وإيذائهم له، فلماذا آذوه؟ يقول ابن الجوزي: لما رأوا ميله إلى المبتدعة. قد تقدم إثبات أن عقيدة أن عقيدة الخطيب كانت مباينة لعقائد المبتدعة وذلك ينفي أن يكون ميله إليهم رغبة في بدعتهم أو موافقة عليها، فما معنى الميل وما الباعث عليه؟
كان الحنابلة في ذاك العصر ينفرون بحق من كل من يقال أنه أشعري أو معتزلي وينفرون عن الحنفية والمالكية والشافعية لشيوع البدعة فيهم، وكان كثير من الحنابلة يبالغون في النفرة ممن نفروا عنه فلا يكادون يروون عنه إذا كان من أهل الرواية ولا يأخذون عنه غير ذلك من العلوم، وإذا رأوا الطالب الحنبلي يتردد إلى أو مالكي أو شافعي سخطوا عليه وقد ذكر ابن الجوزي نفسه في (المنتظم) ج ٩ ص ٢١٣ عن أبي الوفاء بن عقيل الحنبلي قال «وكان أصحابنا الحنابلة يريدون مني هجران جماعة من العلماء، وكان ذلك يحرمني علماً نافعاً» وتقدم في ترجمة أحمد بن عبد الله أبي نعيم الأصبهاني ما لفظه «قال إنسان من أراد أن يحضر مجلس أبي نعيم فليفعل - وكان مهجوراً في ذلك الوقت بسبب المذهب وكان بين الحنابلة والأشعرية تعصب زائد يؤدي إلى فتنة وقال وقيل وصداع، فقام إلى ذلك الرجل أصحاب الحديث بسكاكين الأقلام وكاد أن يقتل» ، مع أن مجلس أبي نعيم إنما كان لسماع الحديث لا للدعوة إلى الأشعرية.
وقد قال ابن الجوزي في (المنتظم) ج ٨ ص ٢٦٧ في وصف الخطيب: