وأما قول الأستاذ:«ومن جملة نوادره أن الأصمعي لما توفي..» فهذا من العجائب كيف تكون من نوادره وقد مات؟ ! أو لم يستطع الأستاذ تخلصاً إلى ذينك البيتين اللذين هجي بهما الأصمعي بعد موته لتعطش الأستاذ إلى ذكرهما؟ والحكاية من رواية أبي العيناء وحاله معروف يأتي له ذكر في ترجمة الإمام مالك مع أن تمام الحكاية:
«قال أبو العيناء: وجذبني من الجانب الآخر أبو العالية الشامي فأنشدني:
لله در بنات الدهر إذ فجعت ... بالأصمعي لقد أبقت لنا أسفا
عش ما بدا لك في الدنيا فلست ترى ... في الناس منه ولا من علمه خلقا»
لم أورد هذه التتمة منكراً على الأستاذ إعراضه عنها. ولكن كان الأجدر به وهو يعلم أن هذه تمام الحكاية أن يعرض عن أو لها يكون - أو لئلا يقال أنه - ممن يرضيه القول والزور الفاجر ويسخطه القول الصادق البار. هذا وقد كان الأصمعي أوائل أمره يخالط الخلفاء والأمراء ثم انقطع عن ذلك ولزم بيته ومسجده حتى أن المأمون الخليفة حرص جهده على أن يصير الأصمعي إليه فأبى، فكان المأمون يجمع المسائل ثم يبعث بها إلى الأصمعي بالبصرة ليجيب عنها. وليس للأصمعي ذنب إلا أنه من أهل السنة. والله المستعان.
١٤٧- عبد الملك بن محمد أبو قلابة الرقاشي. في (تاريخ بغداد) ١٣ / ٤٢٣ من طريق الأصم «حدثنا أبو قلابة الرقاشي حدثنا أبو عاصم قال: سمعت سفيان الثوري بمكة وقيل له: مات أبو حنيفة. فقال: الحمد لله الذي عافانا مما ابتلى به كثيراً من الناس» ومن طريق الأصم أيضاً: «حدثنا محمد بن علي الوراق حدثنا مسدد قال: سمعت أبا عاصم يقول: ذكر عند سفيان موت أبي حنيفة فما سمعته يقول: رحمه الله، ولا شيئاً، قال: الحمد لله الذي عافانا مما ابتلاه به» . قال الأستاذ ص ١٦٩:«أبو قلابة الرقاشي كثير الخطأ في الأسانيد والمتون على ما نقله الخطيب عن الدارقطني» .
أقول: قال الدارقطني: «لا يحتج بما تفرد به، بلغني عن شيخنا أبي القاسم ابن بنت