للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قنطرة اللادينية! كما يقول بعض سلفه من المتكلمين: إن كثيراً من نصوص الكتاب والسنة المتعلقة بصفات الله عز وجل ونحوها صريحة في الباطل مع علم الله عز وجل ورسوله بالحق في نفس الأمر ولكن دعت إلى ذلك مصلحة اجترار العامة إلى قبول الشريعة العملية! (١) فإن كان هذا مراد الأستاذ فالأمر واضح وإلا فإن أراد بالقبول القبول على جهة الاستئناس في الجملة انحصر الكلام معه في دعوى الكذب والتهمة وسيأتي إن شاء الله تعالى. وإن أراد أنهم في ما يتعلق بتلك الشجرة الممنوعة وهي الغض من أبي حنيفة وأصحابه كذابون ومتهمون وفيما عدا ذلك عدول مقبولون ثقات مأمونون، فهذا تناقض وخرق للإجماع فيما نعلم. نعم هناك أمور قد يتشبث بها في دعوى التهمة والعدالة وقد أشار الأستاذ إلى بعضها وسأكشف عنها إن شاء الله.

وينبغي أن يعلم أن التهمة تقال على وجهين:

الأول: قول المحدثين «فلان متهم بالكذب» وتحرير ذلك أن المجتهد في أحوال الرواة قد يثبت عنده بدليل يصح الاستناذ إليه أن الخبر لا أصل له وأن الحمل فيه على هذا الراوي، ثم يحتاج بعد ذلك إلى النظر في الراوي أتعمد الكذب أم غلط فإذا تدبر وأنعم النظر فقد يتجه له الحكم بأحد الأمرين جزماً، وقد يميل ظنه إلى أحدهما إلا أنه لا يبلغ أن يجزم به، فعلى هذا الثاني إذا مال ظنه إلى أن الراوي تعمد الكذب قال فيه «متهم بالكذب» أو نحو ذلك مما يؤدي هذا المعنى. ودرجة الاجتهاد المشار إليه لا يبلغها أحد من أهل العصر فيما يتعلق بالرواة المتقدمين، اللهم إلا أن يتهم بعض المتقدمين رجلاً في حديث يزعم أنه تفرد به فيجد له بعض أهل العصر متابعات صحيحة، وإلا حيث يختلف المتقدمون فيسعى في الترجيح، فأما من وثقه إمام من المتقدمين أو أكثر ولم يتهمه أحد من الأئمة فيحاول بعض أهل العصر أن يكذبه أو يتهمه فهذا مردود لأنه إن تهيأ له إثبات بطلان الخبر عن ذلك الراوي ثبوتاً لا ريب فيه فلا يتهيأ له الجزم بأنه


(١) ترى الكلام عن ذلك في الاعتقاديات إن شاء الله تعالى.

<<  <  ج: ص:  >  >>