ثقة وكذا قال ابن معين ثم بين كل منهما مرة أنه اختلط وزاد ابن معين فبين أنه كان كثير الغلط عن بعض شيوخه غير صحيح الحديث عنهم.
ومن ذلك أن المحدث قد يسأل عن رجل فيحكم عليه بحسب ما عرف من مجموع حاله ثم قد يسمع له حديثاً آخر فيحكم عليه حكماً يميل فيه إلى حاله في ذاك الحديث ثم قد يسمع له حديثاً آخر فيحكم عليه حكماً يميل فيه إلى حال في هذا الحديث الثاني، فيظهر بين كلامه في هذه المواضع بعض الاختلاف، وقع مثل هذا للدارقطني في (سننه) وغيرها وترى بعض الأمثلة في ترجمة الدارقطني من قسم التراجم. وقد ينقل الحكم الثاني والثالث وحده فيتوهم أنه حكم مطلق.
الثامن: ينبغي أن يبحث عن معرفة الجارح أو المعدل بمن جرحه أو عدله، فإن أئمة الحديث لا يقتصرون على الكلام فيمن طالت مجالستهم له وتمكنت معرفتهم به، بل قد يتكلم أحدهم فيمن لقيه مرة واحدة وسمع منه مجلساً واحداً وفيمن عاصره ولم يلقه ولكنه بلغه شيء من حديثه، وفيمن كان قبله بمدة قد تبلغ مئات السنين إذا بلغه شيء من حديثه، ومنهم من يجاوز ذلك، فابن حبان قد يذكر في (الثقات) من يجد البخاري سماه في (تاريخه) من القدماء وإن لم يعرف ما روى وعمن روى ومن روى عنه، ولكن ابن حبان يشدد وربما تعنت فيمن وجد في روايته ما استنكر وإن كان الرجل معروفاً مكثرا والعجلي قريب منه في توثيق المجاهيل من القدماء، وكذلك ابن سعد، وابن معين والنسائي وآخرون غيرهما يوثقون من كان من التابعين أو أتباعهم إذا وجدوا رواية أحدهم مستقيمة بأن يكون له فيما يروي متابع أو مشاهد، وإن لم يروا عنه إلا واحد ولم يبلغهم عنه إلا حديث واحد فممن وثقه ابن معين من هذا الضرب الأسقع بن الأسلع والحكم بن عبد الله البلوي ووهب بن جابر الخيواني وآخرون، وممن وثقه النسائي رافع ابن إسحاق وزهير بن القمر وسعد بن سمرة وآخرون، وقد روى العوام بن حوشب عن الأسود بن مسعود عن حنظلة بن خويلد عن عبد الله بن عمرو بن العاص حديثاً ولا يعرف الأسود وحنظله إلا في تلك الرواية فوثقهما ابن