أقول: ثبته عبد الرحمن بن مهدي جداً، وقال أحمد:«حدثنا بشر السري وكان متقناً للحديث عجباً» ووثقه ابن معين وغيره، واحتج به الشيخان في (الصحيحين) وبقية الستة. فأما التهجم فقال ابن معين في بشر:«رأيته يستقبل البيت يدعو على قوم يرمونه برأي جهم ويقول: معاذ الله أن أكون جهمياً» وقال أحمد: «سمعنا منه ثم ذكر حديث {نَاضِرَةٌ * إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ} فقال: ما أدري ما هذا، إيش هذا؟ . فوثب به الحميدي وأهل مكة، فاعتذر فلم يقبل منه وزهد الناس فيه، فلما قدمت المرة الثانية كان يجيء إلينا فلم نكتب عنه» .
أقول: لم ينصفوه فلعله إنما كان سمع ما صح عن مجاهد من تفسيره «ناظرة» في الآية بقوله: «تنتظر الثواب» فلما سمع الوجه الآخر استنكره من جهة كونه تفسيراً للآية لا من جهة إنكار الرؤية، أما ما زاده محمد بن حميد في الحكاية عن مجاهد:«لا يراه من خلقه شيء.» فمحمد بن حميد متهم. فإن كان بشراً استنكر الرؤية فقد كان حقهم أن يينوا له النصوص في إثباتها، فإذا أقر تبين أنه كان معذوراً فيما فرط منه، وإن أصر هجروه عن بينة. على أن الإجماع انعقد بعد ذلك على عذره والاحتجاج بروايته.
٥٩- بقية بن الوليد. في (تاريخ بغداد) ٢ / ١٧٩ من طريق «بقية يقول: قيل لإسماعيل بن عياش ... » قال الأستاذ ص ١٨٦: «حاله يقل سمعت رد روايته عند الجميع» .
أقول: بقية يدلس عن الضعفاء، فإذا لم يصرح بالسماع وجب التوقف لاحتمال أنه إنما سمع من ضعيف.
٦٠- تمام بن محمد بن عبد الله الأذني. في (تاريخ بغداد) ١٣ / ٤١٩