للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مطلق البيان، فهذا والله أعلم من ذاك. وبهذا كله اندفع مارجح به المعنى الأول وترجح المعنى الثاني فيكون الاستثناء متصلاً كما هو الأصل. والله أعلم.

وقوله تعالى: «عن تراض» نص في اشتراط رضا كلٍ من المتبايعين، والرضا معنى خفي، وسنة الشارع في مثله أن يضبطه بأمر ظاهر منضبط يشتمل على المعنى الذي عليه مدار الحكمة كالرضا ههنا، فيكون مدار الحكم على ذاك الضابط ههنا؟

بنى الأستاذ على أنه الصيغة أي الإيجاب والقبول كما في النكاح. وذلك مدفوع بوجهين:

الأول: أن الصيغة قد علمت بقوله: «تجارة» .

الثاني: أنها ليست بواضحه الدلالة على الرضا إذ تكون عن هزل أو سبق لسان أو استعجال قبل تمكن الرضا من النفس، ويكثر وقوعه ويتكرر، ويكثر التغابن لكثرة الجهل بقيمة المثل بخلاف النكاح فإنه قد لا يقع في العمر إلا مرة، ويحتاط الناس له ما لا يحتاطون للبيع، والشارع يتشوف إلى تثبيت النكاح ما لا يتشوف إلى تثبيت البيع، جاء في الحديث: «أبغض الحلال إلى الله الطلاق (١) » وجاء فيه: «من أقال نادماً بيعته أقال الله عثرته يوم القيامة» ومبنى البيع على المشاحة ومبنى النكاح على مكارمه، وأوضح من هذا كله أن في الحديث: «ثلاث جدهن جد وهزلهن جد: النكاح والطلاق والرجعة (٢) ففرق هذا ثلاثة وبين غيرها كالبيع، على أن تعين الضابط غنما هو للشارع، فإذا لم يظهر من الكتاب وجب الرجوع إلى السنة، فنجدها قد تعيين الضابط التراضي بحصول أحد أمرين بعد الإيجاب والقبول، وأما احتيار اللزوم، وأما أن يستمرا على ظاهر حالهما من التراضي مدة اجتماعهما ويتفرقا على ذلك، ولا يخفى على المتدبر أن هذا بغاية المطابقة


(١) في إسناده مقال ذكرته في «الارواء» . والحديث الذي بعده صحيح مخرج هناك. ن
(٢) حديث حسن بمجموع طرقه، وقد خرجتها في المصدر السابق. ن

<<  <  ج: ص:  >  >>