قال:«ورجعنا إلى أن الله عز وجل قال في كتابه: «وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا» فأجمعوا أن الله عز وجل لم يعن بذلك كل سارق وإنما عنى به خاصة ... فلا يدخل إلا ما قد أجمعوا أن الله تعالى عناه، وقد أجمعوا أن الله تعالى عنى سارق العشرة الدراهم» .
أقول: عليه في هذا أمور:
الأول: دعواه الإجماع غير مقبولة وفي (الفتح) في تعداد المذاهب: «الأول يقطع في كل قليل وكثير تافهاً كان أو غير تافه، نقل عن أهل الظاهر والخوارج ونقل عن الحسن البصري، وبه قال أبو عبد الرحمن أبن بنت الشافعي ... . الثالث مثل الأول إلا إن كان المسروق شيئاً تافهاً لحديث عروة الماضي. لم يكن القطع في شيء من التافه، ولأن عثمان قطع في فخارة خسيسة وقال لمن يسرق السياط لئن عدتم لأقطعن فيه، وقطع أبن الزبير في نعلين. أخرجها أبن أبي شيبة. وعن عمر بن عبد العزيز أنه في مد أو مدين. الرابع: تقطع في درهم فصاعداً وهو قول عثمان البتي ... من فقهاء البصرة وربيعة من فقهاء المدينة ... » .
وأقول لا أرى هذه المذاهب الثلاثة إلا متفقة على إبقاء الآية على عمومها، وإنما المدار على تحقق أسم «السارق» فإنه لا ريب أن عمومها إنما يتناول من يحق عليه أسم «السارق» وهذا لازم للمذهب الأول، إذ يمتنع أن يقول عالم أن من أخذ حبه بر مثلاً حق عليه أسم «السارق» . وأما المذهب الثالث فلعل قائله نحا هذا المنحي أي أن الشيء التافه الذي لا يتبين أنه يحق على آخذه أسم «السارق» لا يتبين دخوله في الآية، والقطع إنما هو على من يتبين دخوله فيها. وأما المذهب الرابع فالبتي وربيعة الرأي كانا ممن يتفقه ويتعانا الرأي والنظر، فكأنهما رأيا أن التفاهة التي لا يتبين بها الدخول في الآية معنى غير منضبط فرأيا ضبطها بالدراهم.