ثم ختم الأستاذ كلامه بقوله ص ١٦٨ «ومن الغريب أنه طعن طاعن في رجل تجد أسرابا من الرواة يركضون وراءه يرددون صدى الطاعن أيا كانت قيمة طعنه ولهم موقف يوم القيامة رهيب لا يغبطون عليه» .
أقول مات ابن الصلت سنة ٣٠٨ ولم يذكروا مولده لكن قال ابن عدي «رأيته سنة ٢٩٧ فقدّرت أن له سبعين أو أكثر» فلنجعل الزيادة المحتملة سبعاً فيكون مولده سنة ٢٢٠ لكنه يروي عمن مات سنة ٢٢٨ كمسدد ويحيى الحماني، وسنة ٢٢٧ كبشر بن الحارث وسعيد بن منصور وأحمد بن يونس، وسنة ٢٢٦ كإسماعيل بن إبراهيم، وسنة ٢٢١ كالقعنبي وعاصم بن علي، وسنة ٢٢٠ كعفان، وسنة ٢١٩ كأبي نعيم وأبي غسان، وسنة ٢١٥ كثابت بن محمد الزاهد ومن هؤلاء من لم يكن بالكوفة منشأ ابن الصلت، فلو كان أدركهم وطبقتهم وسمع منهم لكان مولده تقريباً على رأس المائتين فيكون بلغ من العمر مائة سنة وثماني سنين، ولو صح ذلك أو احتمل الصحة عند محدثي عصره لفتنوا به كعادتهم في الحرص على الإسناد، ولو كان في الشيخ لين، وقد تشبث الأستاذ بذلك في كلامه في عبد الله بن محمد بن عبد العزيز أنه لم يدرك أولئك القدماء الذين يحدث عنهم، وقد صرحوا بذلك كما يأتي، وليس بيد الأستاذ إلا تلك الحكاية عن ابن أبي خيثمة وقد علمت حالها. فأما الطاعنون فوقفت على جماعة منهم:
الأول: حافظ الحنفية عبد الباقي بن قانع البغدادي (ولد سنة ٢٦٥ أو في التي تليها ومات سنة ٣٥١) وكان مع ابن الصلت في بغداد ولما بلغ أوان الطلب كان ابن الصلت على فرض صحة سماعه من أولئك القدماء في نحو ثمانين سنة من عمره