اتكالاً على أنه قد سبق بيان أنه إنما سمعه من فلان عن أبيه، فيغتنم بعض الناس حكايته الثانية فيروي ذاك الحديث عنه عن أبيه لما فيه صورة العلو، مع الاتكال على أن الناس قد سمعوا روايته الأولى وحفظوها. وفي مقدمة (صحيح مسلم) ما يصرح بأن هشاماً غير مدلس، وفيه أن غير المدلس قد يرسل وذكر لذلك أمثلة منها حديث رواه جماعة عن هشام «أخبرني أخي عثمان بن عروة عن عروة» . ورواه آخرون عن هشام عن أبيه، ومع هذا فإنما اتفق لهشام مثل ذلك نادراً، ولم يتفق إلا حيث يكون الذي بينه وبين أبيه ثقة لا شك فيه كأخيه عثمان ومحمد بن عبد الرحمن بن نوفل يتيم عروة. والله الموفق.
٢٦٢- هشام بن محمد بن السائب الكلبي. من عادة الخطيب أن يذكر آخر ترجمة الرجل تاريخ وفاته ورؤيا رئيت له بعد موته وأبياتاً قيلي في رثائه حيث يتيسر ذلك، فذكر في آخر ترجمة محمد بت الحسن تاريخ وفاته، واتصل بذلك أبيات رثى بها ذكر ما روي أنه رئي في المنام فقال:«قال لي إني لم أجعلك وعاء للعلم وأنا أريد أن أعذبك - قيل له فما فعل أبو يوسف؟ قال: فوقي - قيل فما فعل أبو حنيفة؟ قال: فوق أبي يوسف بطبقات» . وربما اتفق أن يكون فيما يختم به الترجمة من الشعر غضاضة ما على صاحب الترجمة فيغتفرها الخطيب في سبيل تزيينه (التاريخ) كما فعل في ترجمة الأصمعي حيث ذكر البيتين المعروفين:
لعن الله أعظماً حملوها ... نحو دار البلى على خشبات
أعظماً تبغض النبي وأهل الـ ... بيت والطيبين والطيبات
وهذا مع تبجيل الخطيب للأصمعي وأنه لا غرض له في ذمة، فاتفق له ما هو دون هذا بكثير في ترجمة أبي يوسف، ذكر ما روي عن معروف الكرخي أنه قال:«رأيت كأني دخلت الجنة فإذا قصر قد بني وثم شرفه ... فقلت لمن هذا؟ فقالوا: لأبي يوسف القاضي ... بتعليمه الناس الخير ... » ثم ذكر تاريخ وفاته وذكر من طريق هشام ابن الكلبي أبياتاً ذكر أنها أنشدت على قبر أبي يوسف عقب وفاته أولها: