فقالوا ونصحوا وبينوا وكتبوا ما حفظه عنهم التاريخ وما كنا نحب أن تثار لولا غلوه الجاهل وحبه الأحمق وجنونه على حد تعبير بعضهم فيه، وان كانت المسألة لا تعدو عند من دقق أن تكون مورد ارتزاق لمن أغلقت في وجهه سبل العيش المعتاد الهني الرغد.
يتمدح الكوثري بما نقل عن ابن رجب أن مذهب أبي حنيفة رد الزائد إلى الناقص في الحديث متناً وسنداً، وأن ذلك احتياط بالغ في دين الله، ويصور ذلك بأن يرد سندان أحدهما بذكر راو والثاني بحذفه، فيعتمد الحذف ويجعل الخبر منقطعاً ويطرحه، ولم يقدر الكوثري أن يعين وجه بناء مذهبه على المرسل المتقطع، وفَرَّ عن ذلك فرار الجبان من مواجهة رماح الشجعان.
ولا أدري ما هي الزيادة أو النقص متناً وسنداً في حديث أم سلمة في الصحيح عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إنكم تختصمون إليّ فأحكم بينكمْ بنحو مما أسمع، ولعل بعضكم أن يكون أَلْحَنَ بحجته من بعض فأقضي له بحق أخيه، فمن قضيت له بحق أخيه فإنما هي قطعة من النار فليأخذ أو ليدع " أو كما قال - صلى الله عليه وسلم - فأخذ العلماء من ذلك أن حكم القاضي لا يحلل الحرام ولا يحرم الحلال، وأما صاحب العقلية الجبارة والرأي الحسن، فرأى حكم القاضي يحل الحرام ويحرم الحلال، وأجاز لمن شهد زوراً بطلاق امرأة وأثبت القاضي طلاقها بهذه الشهادة الزور أن يتزوجها ذلك الشاهد زوراً وتحل له ليجمع عند الله بين شهادة الزور في طلاق من لم يطلق وينكح الفرج الحرام الذي حلله بشهادة الزور، وهذا من الاحتياط البالغ عند صاحب العقلية الجبارة والرأي الحسن في الدين، ولا أدري ما هي الزيادة والنقص متناً وسنداً في حديث جعله - صلى الله عليه وسلم - للفارس ثلاثة أسهم من الغنيمة، وللراجل سهم حتى رده صاحعب العقلية الجبارة، والاحتياط البالغ للدين بقوله: لا أُفَضِّل بهيمة على رجل مسلم- والعلماء يعلمون أن ذلك ليس من باب تفضيل البهيمة على الرجل المسلم، وإنما ذلك من تفضيل مسلم صاحب فرس أنفق عليها وأبلى بها بلاء حسناً في الجهاد على رجل راجل ليس معه هذه الفرس ولا له هذا البلاء، فلذلك أعطى الفارس بسبب فرسه لنفقته عليها وبلائه بها ثلاثة أسهم، فزيد سهمين على الراجل الذي لا فرس له، وهذا عَدْل جاء