أطلق كلمات يظهر منها الغض من ذاك الفاضل لكي يكف الناس عن الغلو فيه الحامل لهم على إتباعه فيما ليس لهم أن يتبعوه فيه، فمن هذا ما في (المستدرك)(٢ ص٣٢٩)« ... عن خيثمة قال: كان سعد بن أبي وقاص رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ في نفر فذكروا علياً فشتموه فقال سعد: مهلاً عن أصحاب رسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... فقال بعضهم فوالله إنه كان يبغضك ويسميك الأخنس، فضحك سعد حتى استعلاه الضحك ثم قال أليس قد يجد المرء على أخيه في الأمر يكون بينه وبينه ثم لا تبلع ذلك أمانته ... » قال الحاكم: «صحيح على شرط الشيخين» وأقره الذهبي.
وفي الصحيحين وغيرهما عن علي رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال «ما سمعت رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جمع أبويه إلا لسعد بن مالك (هو سعد بن أبي وقاص) فإني سمعته يقول يوم أحد: يا سعد ارم فداك أبي وأمي» .
وتروى عن كلمات أخرى من ذا وذاك وكان سعد قد قعد عن قتال البغاة فكان علي إذا كان في جماعة يخشى أن يتبعوا سعداً بالقعود ربما أطلق غير كاذب كلمات توهم الغض من سعد وإذا كان مع من لا يخشى منه القعود فذكر سعداً ذكر فضله. ومنه ما يقع في كلام الشافعي في بعض المسائل التي يخالف فيها مالكاً من إطلاق كلمات فيها غض من مالك مع ما عرف عن الشافعي من تبجيل أستاذه مالك، وقد روى حرملة عن الشافعي أنه قال «مالك حجة الله على خلقه بعد التابعين» كما يأتي في ترجمة مالك إن شاء الله تعالى.
ومنه ما نراه في كلام مسلم في مقدمة صحيحه مما يظهر منه الغض الشديد من مخالفه في مسألة اشتراط العلم باللقاء، والمخالف هو البخاري، وقد عرف عن مسلم تبجيله للبخاري.