منيع (هو عبد الله بن محمد بن عبد العزيز البغوي تقدمت ترجمته) أنه قال: عندي عن أبي قلابة عشرة أجزاء ما منها حديث مسلم، إما في الإسناد وإما في المتن ن كان يحدث من حفظه فكثرت الأوهام فيه» ولا حاجة بنا ولله الحمد إلى مضايقة الأستاذ بأن نقول: أنت لا تثق بالبغوي فليس لك أن تعول عليه هنا. بل نقول: قال ابن جرير: «ما رأيت أحفظ منه» .
وقال مسلمة بن قاسم عن ابن الأعرابي:« ... ما رأيت أحفظ منه وكان من الثقات ... » .
قال مسلمة:«وكان رواية للحديث مثقفاً ثقة ... » وقال أبو داود: «رجل صدق أمين مأمون كتبت عنه بالبصرة» وقال ابن خزيمة: «ثنا أبو قلابة بالبصرة قبل أن يختلط ويخرج إلى بغداد» .
فاتضح أن أبا قلابة كان ثقة متقناً إلا أنه تغير بعد أن تحول إلى بغداد، وفيها سمع منه البغوي. فإن كان الأصم منه بالبصرة ثبتت الحكاية، وإلا فقد تابعه عليها جبل من الجبال كما رأيت (١) قال البخاري في (صحيحه) في «باب من أين يخرج من مكة» : «كان يقال: هو مسدد كاسمه ... سمعت يحيى بن معين يقول ك سمعت يحيى بن سعيد يقول: لو أن مسدداً أتيته في بيته لاستحق ذلك، وما أبالي كتبي كانت عندي أو عند مسدد» .
١٤٨- عبد المؤمن بن خلف أبو يعلى التميمي النسفي الحافظ. ذكر الأستاذ ص ١٨٧ أن الخطيب روى من طريقة عن صالح بن محمد بن جزرة الحافظ كلاماً في الحسن بن زياد اللؤلؤي فقال الأستاذ:«عبد المؤمن ليس ممن يصدق فيه لأنه كان ظاهرياً طويل اللسان على أهل القياس» .
أقول: قد سلف في القواعد أن المخالفة في المذهب لا ترد بها الرواية، كالشهادة، وهذا ما لا أرى عالماً يشك فيه. ومن حكم له أهل العلم بالصدق والأمانة والثقة فقد اندفع عنه أن يقال:«لا يصدق في كذا» اللهم إلا أن تقام الحجة الواضحة على أنه تعمد كذباً صريحاً فيزول عنه اسم الصدق والأمانة البتة،