وأما من جهة كمال العقل وحضور الذهن فلم يزل أنس كامل العقل حاضر الذهن حتى مات.
وأحب أن أتتبع عبارة الأستاذ السابقة ليتضح للقارئ تحقيق الأستاذ وتثبته !
أما هشام فهو ابن زيد بن أنس بن مالك، وليس هو بمدلس، والراوي عنه شعبة، وهو معروف بالتحفظ عن رواية ما يخشى فيه التدليس، والحديث في (الصحيحين) ، وأما أبو قلابة فهو عبد الله بن زيد الجرمي، وقد قال أبو حاتم «لا يعرف له تدليس» وسماعه من أنس ثابت كما في حديث العرنيين وغيره، فعنعنة هذين محمولة على السماع باتفاق أهل العلم.
فقول الكوثري:«وفيه القتل بقول المقتول» إنما يكون فيه ذلك لو صرح بنفي الاعتراف، ولم يصرح به، وإذا وقع الاعتراف، وهذا كما في دلالة الاقتضاء المشروحة في أصول الفقه، وهي أنه إذا لم يصح المعنى الظاهر عقلاً أو شرعاً وجب إضمار ما يصح به الكلام، ولا يعد عدم صحة الظاهر مسوغاً لرده رأساً، فكذلك هنا، بل الأمر هنا أوضح فإن ترك الراوي لبعض الجزئيات مما يرى أنه لا يخفي ثبوته على أحد أسهل من الحذف في التركيب، هذا كله على فرض أنه لم ينقل الاعتراف وهو منقول ثابت في رواية قتادة.
قول الكوثري:«عنعنة قتادة متكلم فيها» .
أقول: دع عنعنته وخذ تصريحه، قال البخاري في (الصحيح) في «باب إذا أقر بالقتل مرة قتل به» : حدثني إسحاق أخبرنا حبان حدثنا همام حدثنا قتادة حدثنا أنس ابن مالك أن يهودياً رَضَّ رأس جارية بين حجرين، فجيء باليهودي فاعترف - فأمر النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فرضَّ رأسه بالحجارة، وقد قال همام بحجرين.
وفي (مسند الإمام أحمد)(١) ج ٣ ص ٢٦٩ حدثنا عفان حدثنا همام قال أنا
(١) طبع المكتب الإسلامي، مع فهرس للصحابة، صنع المحدث الألباني